فجرّ البيان الأخير للسفارة الفرنسية بموريتانيا، إلى العلن الأزمة الدبلوماسية بين باريس ونواكشوط، والتي ظلت صامتة منذ مطلع 2015، وكشفت مستوى الجفاء الحاصل في علاقات البلدين.
وأصدرت فرنسا عبر سفارتها، في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2016، تحذيرا لرعاياها في موريتانيا من عمليات سطو قد تستهدفهم بالأحياء الشمالية للعاصمة نواكشوط، في سابقة هي الأولى من نوعها للسفارة.
ومساء الخميس الماضي، شن الناطق الرسمي باسم الحكومة، وزير الثقافة محمد الأمين ولد الشيخ، هجوما لاذعا على بيان السفارة الفرنسية، معتبرا أنه جاء متحاملا، وحمل رسائل غير ودية من فرنسا، للدولة الموريتانية.
وقال ولد الشيخ، في مؤتمر صحفي، إن “بيان السفارة الفرنسية جاء بعد تعرض مواطنة فرنسية لمحاولة اعتداء بأحد شوارع نواكشوط، ولا علاقة له بأي تهديدات إرهابية”.
وأضاف الوزير، إن المواطنة الفرنسية غادرت الأراضي الموريتانية قبل اكتمال التحقيق ودون أن تتعاون مع المحققين وهو ما قال إنه أثار الكثير من الشكوك، نافيا وجود أي ثغرات أمنية بالبلد.
وبعد حديث الوزير بساعات قليلة، أطل مدير أمن الدولة بموريتانيا المفوض سيدي ولد باب الحسن، عبر التلفزيون الحكومي، متحدثا عن أن حدود البلاد مراقبة ومضبوطة، وإن بعض الجهات، التي لم يسميها، تسعى لضرب استقرار البلد وأمنه.
مسار الأزمة
وبدأت الأزمة الدبلوماسية بين باريس ونواكشوط صامتة منذ أكثر من سنتين، بعد إصرار فرنسا على وضع موريتانيا على الدائرة الحمراء، رغم تأكيد نواكشوط أن خطتها لمواجهة الإرهاب أثمرت كثيرا.
كما شكل رفض الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، إرسال قوات للمشاركة إلى جانب القوات الدولية في عمليات حفظ السلام بشمال مالي (في 2013) نقطة أخرى ساهمت في تعزيز التوتر.
ومنذ نهاية 2014 لم يستقبل ولد عبد العزيز، السفير الفرنسي كما لم يجر معه أي مباحثات أو مشاورات، وهي سابقة في علاقات البلدين.
وتم فهم رفض الرئيس الموريتاني استقبال سفير فرنسا طيلة هذه الفترة على أنه رد فعل مباشر من الرئاسة الموريتانية على تصرفات فرنسية لا تروق لنواكشوط على ما يبدو.
وبعد ذلك دخلت العلاقات بين البلدين في مرحلة فتور تصاعد بشكل تدريجي طيلة العام الجاري.