أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية بالرباط، مساء الخميس الماضي، أحكاما مشددة في حق 10 عسكريين وجهت إليهم تهمة مخالفة تعليمات عسكرية عامة طبقا للفصل 196 من قانون العدل العسكري، بعدما أثبتت الأبحاث إتلافهم وتعطيلهم لردارات عمدا بمنطقة «المحبس» بالحزام الأمني ضواحي الزاك بالصحراء، بغرض تسهيل تسلل مهربين إلى داخل أرض الوطن.
وتداولت المحكمة في الملف حوالي ساعة وطالبت النيابة العامة بأشد العقوبات في حق العسكريين العشرة نظرا لخطورة الفعل الجرمي المرتكب، إذ كان خمسة منهم مكلفين بمراقبة الردار على الحزام الأمني، وتبين أن أحدهم أحدث عطبا عمدا به، فيما قام الثاني بتوقيفه، فترة وجيزة، والثالث كان يصوبه إلى غير وجهته قصد السماح لمهربين بإدخال ممنوعات عبر الشريط الحدودي.
وأدانت المحكمة العسكريين الخمسة بخمس سنوات سجنا لكل واحد منهم، إذ شددت الهيأة القضائية في العقوبة نظرا لخطورتها وطبقت عليهم أقصى عقوبة متضمنة بالفقرة الأخيرة من الفصل 196 من قانون العدل العسكري.
وأدانت المحكمة نفسها الخمسة الباقين بعقوبات تراوحت ما بين ثلاث سنوات ونصف سنة وسنتين ونصف سنة، بعدما أثبتت الأبحاث معهم أنهم كانوا نياما أثناء اجتياز المهربين للحزام بمنطقة المحبس، ولم يقوموا بتطبيق التعليمات.
وفي تفاصيل القضية وقف مسؤولون في الحزام الأمني قبل أربعة أشهر على وجود آثار لاختراق مهربين للحزام وناقلات، ما أثار حالة استنفار أمني، وبعدها أسندت القيادة العسكرية بالمنطقة الجنوبية التحقيق للفصيلة القضائية للدرك الحربي بأكادير التي توجهت إلى المنطقة، وبعد مراجعة الليلة التي كان يشتغل فيها الموقوفون العسكريون تبين أنهم استغلوا المهام الحساسة المنوطة بهم وقاموا عمدا بإتلاف الردارات وتعطيلها بغرض السماح لمهربين يعتقد أنهم من جنسيات أجنبية، قصد السماح لهم باختراق الحدود مقابل الحصول على مبالغ مالية.
وفي سياق متصل، أجريت خبرة على هواتف الموقوفين واتضح وجود علاقات مشبوهة لهم مع المهربين، وبعدما وضع الدرك الحربي الموقوفين رهن الاعتقال الإداري وفور الانتهاء من الأبحاث التمهيدية معهم أحيلوا في حالة اعتقال على المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية التي أودعتهم الجناح العسكري بالسجن المحلي بسلا، بعدما وجهت إليهم تهمة مخالفة تعليمات عسكرية عامة طبقا للفصل 196 من قانون العدل العسكري.
وفور صدور منطوق الأحكام ضد العسكريين العشرة باشرت هيأة دفاعهم منذ أول أمس (الاثنين) إجراءات الاستئناف بعدما أتاح قانون العدل العسكري الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في فاتح يوليوز من السنة الماضية، درجة ثانية من التقاضي داخل المحكمة العسكرية قبل التوجه لمحكمة النقض، علما أن التنظيم السابق أتاح التقاضي خلال المرحلة الابتدائية فقط، وبعدها مباشرة اللجوء إلى محكمة النقض.
وما زالت ثلاثة ملفات معروضة على المحكمة العسكرية لمجموعات من العسكريين وجهت إليهم التهمة نفسها بعد ضبطهم في منطقي «البكاري» و»التويزكي» ومناطق أخرى من الحزام على إثر تقارير أمنية عجلت بفتح تحقيق انتهى إلى إيقاف حوالي 20 عسكريا يقبعون حاليا بالسجن المحلي بسلا.
يذكر أن المنطقة العسكرية الجنوبية والنيابة العامة بالمحكمة العسكرية رفعت من درجة اليقظة والحذر في السنتين الماضيتين على عناصر الحدود خوفا من دخول الأسلحة النارية إلى أرض الوطن، بعدما انتقلت جماعات إرهابية حسب تقارير دولية إلى غرب دول غرب إفريقيا وباتت لها أسلحة حصلت عليها فور انهيار النظام الليبي السابق، وباتت المحكمة العسكرية تطبق أقصى عقوبة يتضمنها قانون العدل العسكري في حق عناصر الحدود، إذا ما ثبت استغلالهم للمهام الحساسة المنوطة بهم في حراسة الشريط الحدودي، والتساهل مع المهربين في إدخال الممنوعات إلى أرض الوطن.
نقلا عن جريدة الصباح المغربية - عبد الحليم لعريبي