يشهد العالم العربي هذه الأيام تحولات هائلة وحاسمة لن يبقى بعدها أي شيء كما كان ، فمجلس التعاون الخليجي الذي تلتئم قمته بالمنامة هذه الأيام على جدول أعماله الانتقال من مجلس تعاون إلى مجلس للوحدة الخليجية لا تشارك فيه عمان المتحفظة ، تجمع دوله على أولويات فى طليعيتها التصدي للتمدد الإيراني والقبول بتقسيم اليمن إلى دولتين جنوبية دائرة فى فلك المجموعة الخليجية وشمالية يتم التعامل معها بمقدار فك ارتباطها مع الحوثيين ومؤيديهم الايرانيين.
وهنالك ضمن الأوليات الجديدة التحضير المشترك لمواجهة القانون الأمريكي القاضي بمتابعة أفراد وهيئات سعودية على خلفية أحداث 11 سبتمبر ، وتحديات وصول دونالد ترامب إلى السلطة وما يلوح به من تسويق لخدمات الحماية والانكفاء على الداخل الأمريكي.
بالإضافة إلى قضايا أخرى متعلقة بتدني أسعار النفط وتقلص احتياطاته وظهور مصادر بديلة عنه ، وهنالك الاستحقاقات الداخلية لكل بلد على حدة.
ولا يستبعد فى لحظة مفصلية كهذه أن تتفق كل الدول الخليجية باستثناء عمان على الانتقال السريع لمربع وحدة خليجية قطب رحاها السعودية والإمارات توسع لاحقا للمغرب والأردن.
وموازاة تلقى الأزمة السورية بظلالها على أجواء القمة الخليجية فالأجندات بشأن سوريا متبائنة فهنالك دول ترى بأن الحسم لصالح معسكر روسيا وإيران والنظام بات قضية وقت وتحاول التعاطي مع الآثار الجانبية لمآلات أزمة سوريا ، وهنالك طرف خليجي ما يزال متمسكا بشعارات المرحلة السابقة الداعية لرحيل بشار ويراهن هذا الطرف على استحالة الحسم العسكري وعلى إمكانية تفعيل موفق أمريكي جديد مع بداية ولاية ترامب وصقوره.
فى هذه الأجواء تتوجس معظم الدول العربية عامة والمغاربية خاصة من مغبة الحسم فى سوريا والعراق ففلول الجهاديين المدحورين هنالك يخشى أن تتوجه نحو ملاذات جديدة فى ليبيا وفى تخوم الصحراء الكبرى وهو ما يحتم قدرا كبيرا من اليقظة والتوقع والاستعداد.
فأين موريتانيا من كل هذه التحولات؟
وما ذا أعدت لكي لا تصبح خارج تشكلات الواقع العربي الجديد؟
ما ذا أعدت لتفعيل دورها كرئيسة دورية للقمتين العربية والإفريقية العربية؟
ما ذا أعدت لمواجهة احتمال انتقال الجهاديين من بلاد الشام والرافدين إلى فضاءات أمنها الحيوي؟
ما ذا أعدت لفك العزلة المتزايدة التي تفرضها التموقعات والحراكات التي يشهدها العالم العربي من محيطه إلى خليجية هذه الأيام؟
هل تدرك موريتانيا أن الانحياز لأحد المحاور على حساب الآخر مضر وأن عدم الانحياز غير واقعي وأن الحل هو التفكير بسرعة فى إيجاد منزلة بين المنزلتين تتطلب مراجعات ومقاربات جديدة؟
بقلم: سنكل ولد معطل