نظمت منسقية أسرة أهل محنض بابه بن اعبيد مساء الثلاثاء بفندق الخاطر، ندوة علمية بعنوان "الإمام محنض بابه بن اعبيد حياته وآثاره"، وذلك بمناسبة صدور كتابه "الميسر الجليل في شرح خليل".
في طبعة جديدة محققة من إصدار دار الرضوان لمالكها أحمد سالك بن ابوه.
وقد وصلت موقع "المذرذرة اليوم" رسالة من الأمير باب ولد سيدي يعلق فيها على الندوة المذكورة.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على النبي الكريم .. أما بعد
فقد كان لي الشرف أن وصلتني دعوة كريمة من منسقية أهل محنض باب ولد اعبيد، لحضور نشاط ثقافي نظم في فندق الخاطر حول تاريخ وآثار ذلك الشيخ والطود الشامخ الذي خلد اسمه بحروف من ذهب في سجل التاريخ المعرفي في أرض البيظان.
وقد مكنتني تلك الدعوة المباركة من لقاء كوكبة هامة من العلماء الأجلاء والمثقفين الامعين من صلة رحم إخوة أعزاء من هذه الأسرة المباركة، تربطني بهم أواصر القربى والمحبة والجوار.
فلهم مني جميعا جزيل الشكر وهنيئا لهم على أخذ مبادرة نفض الغبار عن آثارهم ومآثر جدهم العلامة محنض باب ولد اعبيد الديماني الذي أنار علمه مغرب البلاد ومشرقها وخلف وراءه ذرية صالحة من البررة ساروا على نهجه القويم فتعلقوا بجدارة بما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
إن العلاقة التاريخية التي أرساها أجدادنا لمدعاة لغبطتي بهذه الدعوة المباركة وأنا أستحضر التاريخ بكل فصوله وأتمنى أن نوفق جميعنا في توطيد ما بناه الأجداد من قيم التآخي والاحترام والتكامل".
وقد حضر هذه الندوةَ التي قسمت إلى محورين جمعٌ غفير من الشخصيات والهيئات والفعاليات الثقافية والعلمية والاجتماعية في البلد.
وتم افتتاحها بآيات من الذكر الحكيم، تلاها القارئ محمد بن إسماعيل بن الشيخ سيديا، تلتها كلمة لمنسق الأسرة السيد أبومدين بن اباته، الذي طالب باسم أسرة أهل محنض بابه بن اعبيد بتنفيذ حكم الشريعة المحمدية القاضي بإقامة الحد على المسيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
المحور الأول من الندوة خصص للمداخلات، حيث تناول الكلام أولا عضو منسقية أسرة أهل محنض بابه بن اعبيد السيد محمدن ولد بابه الذي رحب باسم الأسرة بالحاضرين، وشكر مؤسسة الرضوان ومالكها أحمد سالك بن ابوه الموسوي، على ما بذلته من جهود في خدمة العلم ونشر الذخائر التي توجت اليوم بنشر كتاب الميسر، كما أثنى على لجنة العلماء الذين أشرفوا على تحقيقه، على ما بذلوا من جهد لإخراج "الميسر" في أفضل صورة ممكنة، خاصا بالذكر الشيخ محمد سالم بن المحبوبي، والأستاذ محمد عبد الله بن اشبيه، والشيخ أحمدو بن التاه بن حمينا، والشيخ اليدالي بن الحاج أحمد.
وتحدث عضو المنسقية السيد محمد بن جيكللي الذي رحب أيضا بالحضور وعرف بالمنسقية كإطار وحدوي شامل بين جميع مكونات وشرائح هذه الأسرة، وكأداة خدمة اجتماعية قدمت الكثير من المساعدات للضعاف فيها، معتبرا أنها تمثل نموذجا راقيا للوحدة الوطنية في البلد.
ثم تلا ذلك كلمات الضيوف التي استهلت بكلمة جزيلة للشيخ الجليل العلامة اباه ولد عبد الله
قرأها الأستاذ محمد الحافظ ولد السالك تحدث فيها الشيخ اباه عن المكانة العلمية الكبيرة للشيخ محنض بابه بن اعبيد قائلا إن "الشيخ متعدد النواحي، متنوع الشعب، كثير الأبواب والفصول في حياته الحافلة، كل ناحية منها إذا أعملت فيها فكرك، واستذكرت معلوماتك، وأحضرت تقييداتك تشغل وقتك، وتملؤ طرسك، وتفني نقسك" مستطردا عددا من الدلائل على نبوغه العلمي وتميزه المعرفي.
وتناول الكلام بعده المفتي الإمام أحمدو بن المرابط ولد حبيب الرحمن الذي ألقى كلمة مستفيضة عرف فيها بمكانة العلماء الدينية في المجتمع، ثم بالشيخ محنض بابه وكتابه الميسر، قائلا إنه "ألحق الأحفاد بالأجداد في التدريس بمدرسته، التي استمر يدرس فيها زهاء سبعين سنة".
وتحدث الإمام أحمدو بن المرابط عن دور محنض بابه العلمي ومكانته بين العلماء وتحقيقاته وتصويباته الفقهية واللغوية الكثيرة، مستطردا منها أمثلة عديدة، كما استطرد بعض مساجلاته مع كبار عصره كحرمة بن عبد الجليل العلوي الذي كان يسانده ادييجه الكمليلي بينما كان يساند محنض بابه بابه بن أحمد بيبه العلوي.
تلا ذلك عضو المجلس الأعلى للإفتاء والمظالم العلامة الفقيه المؤرخ الطالب اخيار بن مامين بن الشيخ ماء العينين فنوه بالشيخ محنض بابه ودوره العلمي الحافل، قائلا إنه قيد تحقيق شرح سيداتي بن الشيخ ماء العينين لـ"سقاية الظمآن" في التصريف لمحنض بابه اعبيد الذي عثر عليه بالمغرب، وكان يظن أنه من تأليف ادييجه الكمليلي.
وقرأ الطالب اخيار مواضعَ من الترجمة التي كتبها لمحنض بابه بين يدي التحقيق.
الأستاذ أبو محمد بن الشيخ محمد الحسن بن أحمدو الخديم قال في كلمته باسم محظرة التيسير إن الشيخ محنض بابه وميسره -كبقية مؤلفاته- يحظون بعناية خاصة من طرف الشيخ محمد الحسن بن أحمدو الخديم شيخ مشايخ محظرة التيسير حفظه الله تعالى، فلا نعلم أحدا من أهل هذا القطر يملك مخطوطتين كاملتين، وجمهورَ الثالثة من "الميسر" غيره فهو مرجعه الأول، ويقدمه على غيره من الشروح، ويرجح بترجيحه، ويعتمد عليه، ويروي عن شيخه المختار بن ابلول قوله "إن المختصر لم يشرح بمثله".
خاتما كلمته بقوله إن مختلف مؤلفات محنض بابه تعتبر من أصول مقررات محظرة التيسير. ثم بقطعة شعرية تنوه بهذا الإصدار الجديد المتميز للميسر.
كما تحدث ممثل الشيخ الحاج بن المشري نيابة عنه، فثمن المكانة العلمية والروحية الكبيرة للشيخ محنض بابه، وتحدث عن نقاشه بخصوص الطريقة التجانية مع العلامة ادييجه الكمليلي، خاتما القول بأن مؤلفات محنض بابه تعتبر من المقررات الأساسية في محظرة معط مولان.
وتحدث بعد ذلك الإداري الأديب بدّنّ ولد سيدي، الذي ألقى كلمة مختصرة فذة عن محنض بابه والشخصيات العلمية التي عرفه من خلالها افتتحها قائلا على سبيل التواضع إن مما شجعه على الكلام بعد الإحجام هو السعي إلى أن يكمل العوامُّ الصورةَ التي رسمها العلماءُ للشيخ محنض بابه بن اعبيد.
وألقى الإعلامي الكبير محمذن بابه ولد أشفغ كلمة بديعة عن تقنيات التواصل وفنياته عند العلامة محنض باب ولد امّين، مؤكدا أنها لا تقل عما رآه في أهم المعاهد الأوربية والأميركية المختصة في هذا المجال، مردفا أنه يكفي محنض بابه اعبيد فخرا أنه أنجب محنض بابه بن امين حفظه.
كما ألقى الأديب الأستاذ ان بن حامدن بن امح قطعة شعرية رائقة بالمناسبة مطلعها:
ميسر الشيخ في ثوب به ازدانا أطل نجما بنور العلم أحيانا
وافى وشهر ربيع الخير طالعه فعم بالبشر والأفراح دنيانا
كانت لرؤيته الآذان عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا
واليوم طابت بمرآه النفوس كما طاب اللقا من حبيب غاب أزمانا
شرح به الشيخ قد حلت أنامله أبا المودة ياقوتا ومرجانا
وافى فذكرنا عهدا أقام به محنض باب من الإسلام أركانا
مشمرا ناصرا للحق معتصما بالله بالأمر إصرارا وإعلانا
محنض باب إمام القطر عيلمه قد كان في صفحات المجد عنوانا
ومثله في العلى بنون أورثهم علما وحلما وإيمانا وإحسانا
لا زال بدر الدجى في أفقهم وهجا وغصن دوح التقى لا زال فينانا
إنا نحيي لقاء للأحبة في درب الإخاء إليه أبـــــــــــاه نادانا
جزى الإله الأولى قد قدموه لنا على صنيعهم المشكور رضوانا
وكانت هناك كلمة مؤثرة لإمام مسجد السنة والجماعة ركز فيها على الدور الكبير للشيخ محنض بابه ومختلف مؤلفاته.
كلمة الناشر (دار الرضوان) ألقاها الأستاذ ديدي ولد المهدي الذي استعرض مكانة الشيخ محنض بابه وكتابه الميسر العلمية، مقدما جردا دقيقا لمضمون الميسر والاستشهادات الواردة فيه، ومستعرضا الجهود الجبارة التي بذلتها دار الرضوان في سبيل إخراجه هذا الإخراج المتميز.
أما المحور الثاني من الندوة فتضمن عدة محاضرات علمية افتتحت بكلمة للدكتور محمد المختار بن اباه أرسلها مع الدكتور يحيى بن البراء، وتضمنت ترجمة رائعة عن الشيخ محنض بابه بن اعبيد، تلتها محاضرة الدكتور يحيى بن البراء التي قرئت بالنيابة عنه، واستطرد فيها عددا كبيرا من أقوال العلماء في الشيخ محنض بابه وكتابه الميسر، وخلص فيها إلى أنه كان حسنة من حسنات الدهر بشهادة مختلف العلماء والإخباريين.
بعد ذلك ألقى الأستاذ محمد نافع بن ابّيْنْ بن بَبَانَه عرضا قيما عن "الشيخ محنض بابه بن امين: تكوينه الفكري ومنهجه الإصلاحي".
ثم ألقى الباحث والإعلامي الحسين ولد محنض محاضرة بعنوان "دور الشيخ محنض بابه بن اعبيد وأبناؤه في الحياة العلمية والثقافية في البلد"، تحدث فيها عن سبب تسمية محنض بابه بهذا الاسم، ثم عن نشأته وتكوينه، ومساهمته في المجالين العلمي والثقافي، ثم عن أبنائه وأحفاده، وأهم ما تميزوا به، وعن آثارهم ومساهماتهم العلمية والثقافية في البلد.
وألقى الدكتور التاه بن اجمد باسم الأسرة محاضرة حول حضور الميسر في مؤلفات وتقاييد وأنظام الشناقطة، تطرق فيها إلى المكانة العلمية للشيخ محنض بابه وكتابه الميسر، جالبا على ذلك أمثلة كثيرة.
وكانت هناك تعقيبات مختلفة تحدث فيها كل الأستاذ محمد سالم ولد دودو الذي نوه بالشيخ محنض ودوره العلمي، والأستاذ باباه ولد الحافظ الذي انصبت مداخلته على مكانة الشيخ محنض بابه، وعلى اعتماد أهل المنطقة وغيرهم لفتاويه لقدمه الراسخة فى العلوم الشرعية النافعة، مذكرا أن الشيخ محنض بابه قبل أن ينتصب للقضاء كان يدرس القرآن العظيم فى جماعة أولاد بازيد، وقد كانوا يتداولون الميسر بكثرة ويعتمدونه فى حلهم وترحالهم، وبين أيديهم أصح نسخة من الميسر "وجدت مخطوطة باليد بحوزة خالنا الشيخ محمدو ولد محمد الامين، وهي التى اعتمدت على الأرجح فى هذه الطبعة الجديدة"، وخاتما مداخلته بقطعة شعرية رائقة مطلعها:
فهذى نصوص الفقه ألت لسالكـي طريق أبى الزهرا ومذهب مــــــــالك
أرتنا بأن الشيخ لا زال بيننــــــــا وحق علينا حملها بالأرائــــــــــــــــك ...
ثم الأستاذ المحامي محمد يحيى ولد الطيب الذي ذكر بعلاقة جده الخرشي بن عبد الله بالشيخ محنض بابه. وكان لخديم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بن زياد كلمة نوه فيها بالشيخ محنض بابه ومكانته، كما تطرق فيها إلى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبته.