تجدد الجدل بشأن حوادث السير في موريتانيا التي تحصد عشرات القتلى والجرحى يوميا، بعد حادث مروع وقع الاثنين الماضي وسط العاصمة نواكشوط، وأدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابات أغلبها خطيرة، وأمضت السلطات والأهالي ساعات حتى تمكنوا من إنقاذ المصابين ونقلهم إلى المستشفيات. كما شهدت ولايات داخلية حوادث أخرى في اليوم ذاته.
خالد ولد جدو، وهو شاهد عيان على حادث الاثنين قال: "السرعة المفرطة كانت السبب الرئيس للحادث، أما السيارة الثانية وهي سيارة أجرة كانت حمولتها زائدة وفيها ستة أشخاص".
وأضاف ولد جدو لـ"العربي الجديد" إن عملية "إنقاذ الجرحى كانت مريعة جدا، فالأشلاء متناثرة والمواطنون والمارة كانوا ينتشلون المصابين بأدوات بسيطة، حتى جاءت سيارات الحالة المدنية وأكملت نقل المصابين والقتلى إلى المستشفى".
مبادرة "معا للحدّ من حوادث السير" فى موريتانيا وصفت حوادث السير بأنها "حرب شوارع". ودعت السلطات الموريتانية إلى الكشف عن أرقام حوادث السير يوميا.
ولفتت المبادرة في بيان لها نقلا عن إحصائيات رسمية إلى أن "22 حادث سير يقع يوميا، أي بمعدل حادث سير كل ساعة وست دقائق. ويصاب 8 أشخاص بجروح كل يوم، أي بمعدل جريح كل ثلاث ساعات. ويموت شخص كل 42 ساعة، وهو المعدل اليومي للخسائر التي تسببها حوادث السير أو ما يمكن أن يطلق عليه "حرب الشوارع".
السرعة المفرطة وعدم احترام قوانين المرور تسبب أغلب الحوادث، كما أن تهالك بعض الطرق وقِدمها سبب مباشر لأخطرها، مثل بعض مقاطع طريق الأمل الذي يربط العاصمة نواكشوط بأغلب الولايات الداخلية، وكذلك طريق نواكشوط روصو.
وأدى التساهل في تطبيق قوانين السير إلى "تجاوزات خطيرة" غالبا ما تسفر عن حوادث مرورية مروعة، مع الإشارة إلى أن رخص السياقة تُشترى ببساطة في موريتانيا.
محمد الأمين ولد الفاضل وهو ناشط مدني من مبادرة "معا للحد من حوادث السير" قال لـ"العربي الجديد": "حوادث السير أصبحت ظاهرة مقلقة في موريتانيا، وتتسبب مجازر بشرية باستمرار، ويكفي الاطلاع على أعداد الضحايا والحوادث اليومية حتى ندرك حجم الكارثة وأرقامها المخيفة".
وعدّد ولد الفاضل أهم أسباب حوادث السير قائلاً "الجانب الأكبر من هذه الأسباب تتحمله السلطة، مثل رداءة الطرق. ويكفي أن نعرف أن أهم طريقين في البلاد (نواكشوط ـ النعمة) و(نواكشوط روصو) يحتاجان للكثير من الصيانة، فمقطع نواكشوط ـ بوتلميت من طريق الأمل، وهو المقطع الأكثر حيوية في البلاد مليء بالحفر والتشققات وتآكل حافتي الطريق. أما طريق نواكشوط روصو فقد أصبح في بعض المقاطع مجرد طريق رملي".
وأضاف الناشط: "هناك غياب الرقابة والصرامة عند منح رخص السياقة، والتساهل في معاقبة السائقين الذين يتسببون في حوادث سير، وغياب أي دور لنقاط التفتيش خاصة في مجال الحد من السرعة، والحد من الحمولة الزائدة، ومراقبة الحالة الفنية للمركبات. ويضاف إليها غياب إشارات المرور وإجراءات السلامة في الكثير من الطرق، والتسيب الحاصل في شركات التأمين وتدني قيمة الدية".
ولفت ولد الفاضل أيضاً إلى "الأخطاء البشرية المتعلقة أساسا بالسرعة، وعدم اتباع إجراءات السلامة من وضع الحزام، وعدم زيادة الحمولة، ومراقبة الحالة الفنية للسيارة، وعدم استخدام الهاتف أثناء القيادة".
ونبّه إلى غياب دور العلماء والإعلام في التوعية حيال هذه الكارثة، ما جعل مجموعة من المدونين والكتاب ونشطاء المجتمع المدني تطلق في موسم الخريف الماضي حملة تهدف إلى الحد من حوادث السير.
نواكشوط ــ محمد فال الشيخ ــ العربي الجديد