تسعى غامبيا عقب ولادتها الجديدة، للتخلص من سياسات الرئيس السابق يحيى جامع الانعزالية، التي هيمنت على القارة السمراء لأكثر من عقدين من الزمن.
وعقب توليه منصبه الشهر الماضي، شدّد الرئيس الجديد آداما بارو، على أنه سيفي بوعوده التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية، ويدحض سياسات جامع التي دفعت بالبلاد تدريجيًا إلى العزلة، وانتقاداته اللاذعة، شبه العدائية، تجاه الزعماء الأفارقة والمنظمات الدولية.
وفي اجتماع جرى مؤخرًا بين "بارو" ومفوض الاتحاد الأوروبي للتعاون الدولي والتنمية، نيفين ميميكا، قال رئيس غامبيا لقد "استلمت مهمة حكم بلد هيمنت عليه الديكتاتورية لعقدين من الزمن"، لافتًا أن "الدكتاتورية كبدتنا خسائر فادحة، وفي مقدمتها أصدقائنا وحلفائنا".
وجاءت زيارة "ميميكا" للبلاد بهدف المصادقة على وثيقة تقديم مساعدة مالية بقيمة 77.8 مليون دولار أمريكي، في إطار ما وصفه بأنه "بداية جديدة مع غامبيا، بعد عقدين من العلاقات المتوترة".
وفي السياق نفسه، قال ميميكا في تصريح صحفي، "هذه الزيارة علامة واضحة على استعداد الاتحاد الأوروبى لتوفير مساعدات مالية وفنية فورية لدعم العملية الديمقراطية في غامبيا".
وأضاف أن "المساعدات هذه ستستخدم لتحسين الأمن الغذائي، وإعادة بناء الطرق والمساعدة فى توفير فرص عمل".
وفي أواخر عام 2014، جمد الاتحاد مساعدته لغامبيا، وهي واحدة من أفقر دول العالم، بسبب ما يقول إنه سجل سيئ في حقوق الإنسان، ولا سيما قوانين المثلية الجنسية.
من جانبها، أعلنت الأمم المتحدة مؤخرًا تراجع حكومة غامبيا الجديدة عن قرار الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، بعد تولي الرئيس الجديد للبلاد "بارو" منصبه نهاية يناير/كانون ثانٍ الماضي.
وأعلنت وزارة العدل الغامبية في أكتوبر/تشرين أول الماضي، انسحابها من المحكمة الجنائية بذريعة "إصدار المحكمة قرارات عنصرية وظالمة ومهينة ضد الأفارقة على وجه الخصوص".
وتأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002، ومنذ تأسيسها فتحت المحكمة التي يقع مقرها في هولندا تحقيقات في 4 قضايا أفريقية: أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى ودارفور وأصدرت 9 مذكرات اعتقال (من بينها مذكرة اعتقال للرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية).
وفي 2013 قطع الرئيس جامع العلاقات مع تايوان، بعد أن رفضت تقديم مزيد من الأموال لسد عجز ماليته، ويرجح محللون أنه كان يأمل في أن تكافئه الصين لقطعه العلاقات مع تايوان، ولكن ذلك لم يحدث.
وكذلك طرد ممثلة الاتحاد الاوروبي أغنيس غيلو عام 2015، كونه يتهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بقيادة حملة تهدف إلى الانتقاص من سمعة البلاد.
وفي هذا الصدد، قال المدون سيدي سانيه وهو وزير خارجية سابق وأصبح معارضًا في عهد جامع، للأناضول لقد "بزغ فجر جديد في علاقات غامبيا الدبلوماسية مع بقية العالم".
وأضاف المحلل السياسي أن "الطريق وعرة وصعبة أمام مساعي الحكومة الجديدة لتحقيق نهضة بالبلاد، ما يستدعي عزيمة قوية، وجهود كبيرة لاستعادة غامبيا الديمقراطية والمنفتحة على العالم من جديد".
وعن ملف "حقوق الإنسان" سئ السمعة في البلاد، قال أوسينوداربوي وزير الخارجية الجديد، الخميس الماضي، "سنواجه تلك الانتهاكات بسرعة كبيرة، لا بل سنجعلها أحد أهم أولوياتنا".
وتابع سانيه قائلًا إن "التوقعات الاقتصادية في غامبيا تنذر بوضع كارثي، وبناءً عليه ينبغي على الإدارة الجديدة أن تبذل جهودا حقيقية ومستدامة لعكس مصير الشعب والبلاد".
وأوضح أن إدارة "بارو" هي حكومة انتقالية، تستمر لمدة ثلاث سنوات فقط، وسوف يكون من الصعب بالنسبة لها تحقيق كل الوعود الانتخابية التي قدمتها، وذلك نظرًا للظروف الراهنة والتحديات الكبيرة التي تلوح في الأفق.
بدوره، قال عيسى نجي، محلل سياسي للأناضول "نأمل أن تحافظ الحكومة الجديدة على اتخاذ القرارات الصائبة، التي تتسق مع بنود دستور البلاد من ناحية، وتفي بوعود الحملة الانتخابية من ناحية أخرى".
وفي 21 يناير/ كانون ثان الماضي، غادر جامع إلى منفاه الاختياري في غينيا الاستوائية، بعد استسلامه للضغوط الدولية، وتنازله عن السلطة للرئيس الجديد " بارو".
وقبل جامع مغادرة غامبيا بعد وساطة قادها الرئيس الغيني ألفا كوندي ونظيره الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.
نقلا عن وكالة الانضوول