جَميلٌ ما سَطّرَتْه أناملُ الكاتبُ الجَهْبَذُ و الإداري المتمرس، صاحب السفارة و الأمانة، الأستاذ "المختار ولد داهي" في مقاله الأخيرعن " طبقات المثقفين " ، فهو المثقف العارف من أين يُثقَفُ اليَرَاعُ، و جميل ما أحال إليه الكاتب من ضياع و تيه تعيشه طبقات المثقفين الخمسة، أو " الأسماء الخمسة" التي لا محل لها من الإعراب.
فلا غرابة من ذلك الضياع المؤلم لسدنة الحَرْف في زمن " الخُبْز الحافي " ، زمن تسود فيه قيم ال v8 و حكايات ألف ليلة و ليلة في قصور القطب الشمالي لنواكشوط، فلا " طَوْقُ الحمامة " بمنج صاحبه، و لا " العقد الفريد " بمُفرح "أَرْوَى" و "ريا" و "الرباب"، و لا مواويل " قيس " بمقدورها إطعام " ليلى " بوادي الغَضَا خُبْزا .
فمن كان شغله الشاغل يوميا قطعة خبز في نواكشوط ، عليه نسيان مُعَلّقات العرب و العجم و ما شدى به "زرياب" في نعيم الأندلس، بل عليه نسيان حروف الهجاء، ليأكل – بعد - لَأي خُبزا س"تأكل الطيرُ منه" على رأسه لا محالة.
من المؤلم حقا للمثقف هذا "الوعي" الجامح الذي يعتريه ساعة موت " الخبز" ، لأنه أدهى و أمَرُّ من فقْده، فمن لا وعي له لا يدرك مرارة الفناء و لا شقاء الولادة.