يبدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الاثنين 03/04/2017 زيارة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كان وصف الرئيس المصري خلال لقائهما الأول في أوج حملة الرئاسيات الأمريكية بأنه "رجل فعال يسيطر على مقاليد الأمور في مصر ويعمل عملا رائعا لمكافحة الارهاب والتطرف".
في حسابات إدارة اترامب كل طرق التعاطي مع الشرق الأوسط تمر عبر القاهرة ، فمصر أكبر الدول العربية ديمغرافيا وأعرقها حضاريا وتتوفر على جيش قوي واستطاعت تجاوز مطبات الربيع العربي ومكنت جهودها في مجال مكافحة الارهاب من كبح جماح التطرف داخل مصر وفي محيطها وهي مؤهلة من منظور استراتيجيي البيت الأبيض لعب دور كبير في مرحلة ما بعد داعش في العراق وسوريا ومؤهلة للقيام بدور ريادي في حل الأزمة الليبية والحيلولة دون تحول ليبيا إلى ملاذ للإرهاب المدحور من بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين.
وتعول الولايات المتحدة على دور مصري أساسي في مسارات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أفق البحث عن حل مقبول للنزاع العربي الاسرائيلي يسعى الامريكيون أن لا يكون على حساب إسرائيل ، ويتطلعون إلى دور مصري ناعم لوقف المد الإيراني من خلال توفير بدائل عربية للنظام السوري تحد من ارتمائه في الحضن الإيراني.
ويعول على الدور المصري في تأمين دول الخليج وتعضيد استراتيجياتها الهادفة لوقف التغلغل الإيراني الذي بات يقض مضاجع الجميع.
إدارة اترامب تراهن كثيرا على استخدام الورقة المصرية لاستعادة دور فاعل في المنطقة من خلال شراكة ديناميكية تؤمن غطاء مشتركا لمكافحة الارهاب وقائيا وعلاجيا وتجفيف كل منابعه المحتملة.
ويبدو أن الولايات المتحدة مستعدة لدفع الثمن ، فرغم الجنوح لتحميل الأصدقاء فواتير الأمن الإقليمي لتقليص الأعباء فإنها في الحالة المصرية وافقت على استمرار دعم سنوي في حدود 1.5 مليار دولار لمصر وتسعى مصر لرفع المبلغ إلى 3 مليار دولار.
ولا يستبعد مراقبون أن يلبي طلب مصر إلي حدود 2 مليار دولار سنويا تخصص 80% للدعم العسكري والأمني ويخصص الباقي لمجالات مدنية.
كما تسعى مصر للاستفادة من تصدير التكنولوجيا الأمريكية في مجالات حيوية منها الطاقة والصناعات التحويلية الكبرى ، وتسعى لتحرك أمريكي سريع لكبح جماح جهات إقليمية دائرة في فلك واشنطن تعتقد مصر أنها تمول الارهاب بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
ولا يستبعد أن يكون هنالك تقارب لوجهات النظر الأمريكية المصرية يتعلق بإدراج جماعات تمارس الاسلام السياسي في القائمة السوداء للتنظيمات الإرهابية المقاطعة دوليا.
ومن شأن الشراكة المصرية الأمريكية الجديدة أن تعطي لمصر دورا مؤثرا في إدارة أزمات المنطقة المستعصية على الحل سواء تعلق الأمر بسوريا أو بليبيا أو باليمن .. فمصر التي رتبت أوضاعها الأمنية الداخلية وشرعت في إنجاز خطط إستراتيجية طموحة مدعوة أمريكيا لعب دور متزايد على مستوى المنطقة وسيتجلى ذلك على المدى القريب بتنقية الأجواء مع معظم دول المحيط العربي والافريقي وحتى الآسيوي .. كما سيتجلى من خلال مبادرات أمريكية مصرية مدعومة خليجيا لحل الأزمات الراهنة.
المتوقع أن يعود الرئيس السيسي من واشنطن وبيده أوراق جديدة تعزز الاستقرار الداخلي وتؤمن التحرك الخارجي وتترجم ميدانيا تجليات سياسة إدارة اترامب في منطقة الشرق الأوسط ، وتجسد تفعيل شراكة إستراتيجية أمريكية مصرية كان لها ما قبلها وسيكون لها ما بعدها.