نتائج أي تصويت ليست مضمونة ولا معروفة وهذه جاذبية الديمقراطية التعددية ، فأوساط "الموالاة الحملاتية" أقنعت الرئيس وكادت تقنع الرأي العام بأن تصويت 44 شيخا وشيخة أمر مؤكد وبأن العدد ربما يزيد إلى حدود 47 لكن النتائج جاءت معاكسة رغم أن التحكم في كوكبة مدجنة من الشيوخ المتواجدين بمدخل القصر الرئاسي في قاعة صغيرة أمر ممكن لكنه لم يحصل.
الغريب أن نفس الأوساط تصول اليوم وتجول وتؤكد بأن استفتاء التعديلات الدستورية الذي لا يسنده أي اجماع وطني سيصوت عليه بنعم بنسبة تفوق الـ 70% وهذا توقع لا تصدقه القرائن فتصويت الشعب المحبط في عام رمادة أكثر تعقيدا من تصويت الشيوخ.
والتعديلات المقدمة لا تكتسي أية أهمية بالنسبة لفئات عريضة من الشعب الموريتاني والظرف غير ملائم وكل المؤشرات تؤشر موضوعيا لقدر لم يسبق له مثيل من تدني نسبة المشاركة يفقد الاستفتاء مصداقيته ، كما لا يستبعد أن تصوت أغلبية المصوتين تصويتا عقابيا ضد التعديلات من أصلها فالتصويت بـ "لا" الذي بدأه الشيوخ قد يتعمق وليس هنالك تصويت محسوم مسبقا.
لكن الغريب هو عدم استخلاص العبر من تصويت الشيوخ فهل تسعي "الموالاة" المغلوبة على أمرها المختلفة فيما بينها لإضعاف الرئيس أكثر لإدخاله دائرة المغادرة والاستخلاف القسري؟
ما هي حسابات هذه الموالاة الفسيفسائية غريبة الأطوار؟
لما ذا يسعون لأن يلدغ الرئيس ونظامه من نفس الجحر مرتين؟
ولماذا خدع الرئيس في المرة الأولي وغرر به وحمل المسؤولية في مؤتمر صحفي ركيك الاخراج رغم أنه كان يفترض أن يكون فوق تجاذبات تصويت الغرف البرلمانية؟
لما ذا يغرر به الآن وتتداعى نفس مبادرات "التأييد والمساندة" نفاقا وتصفيقا للتظاهر بنصرته كما ناصرت في أوقات أخرى صعبة رؤساء سابقين يعرف الموريتانيون أين هم الآن؟
هل ما يزال هنالك متسع من الوقت لتدارك هذا التداعي الحر نحو المجهول ... نحو جحر الضب العبثي؟
هل يتدبر فخامة الرئيس الأمر ويعيد استشراف الموعود بوضوح رؤية أكثر؟
أم تستمر الأمور في مساراتها الشعبوية نحو المجهول الذي لن تحمد عقباه؟
بقلم: محمد عبد الله ولد محمد الأمين