وقف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى جانب نظيره الأميركي ريكس تيلرسون في وزارة الخارجية، وسخر من مضيفيه عندما سأله صحافي، «هل ستؤثر إقالة كومي على محادثاتكم مع الرئيس؟ فأجاب: «وهل أقيل؟ لا بد أنك تمزح»، وعلى بعد 5 آلاف ميل في مدينة سوتشي، سئل بوتن سؤالاً مشابهاً فأجاب: «هذه الأسئلة تبدو مضحكة بالنسبة إلي».
بهذه الكلمات بدأ الكاتب الأميركي أنتوني بلينكن مقاله في صحيفة نيويورك تايمز وقال، إن قادة روسيا استحقوا عن جدارة لحظة الطرب هذه: فحملتهم لإضعاف شرعية المؤسسات الديمقراطية الغربية قد نجحت في الولايات المتحدة نفسها، بشكل لم يكن في تصور بوتن.
وأضاف بلينكن -النائب السابق لوزارة الخارجية الأميركية في عهد أوباما- أن الفيروس الذي أطلقته موسكو منذ 9 أشهر تمكن من زرع الشكوك في النظام الانتخابي الأميركي، وساعد في هزيمة هيلاري كلينتون المرشحة التي مقتها بوتن، وأطاح بأول مستشار للأمن القومي للرئيس ترمب، وتسبب بإطلاق عدة تحقيقات مكافحة استخبارات، والآن تسبب فيروس روسيا في طرد ترمب لجيمس كومي مدير مكتب التحقيقيات الفيدرالي، الرجل المسؤول عن التحقيق مع ترمب، ما أضعف من مصداقية ترمب المتضررة بالأساس.
يعتقد الكاتب أن الروس لم يكونوا يتخيلون نجاح حملتهم بهذا الشكل، لأن ترمب، عن قصد أو بدون، ساعد وحرض الروس طوال هذا المسار، فمزاعمه المتكررة بأن الانتخابات قد زورت هي مجرد صدى لدعاية قنوات روسية مثل «روسيا اليوم».
ويقول الكاتب، إن أفعال ترمب تضعف نزاهة تحقيقين رسميين بشأن تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بينما تعيق إجراء تحقيق ثالث.
وشرح الكاتب أن طرد كومي مدير مكتب «أف بي آي» سيلقي بظلاله على تحقيق المكتب في تدخلات روسيا، فقد اتضح أن الأسباب التي أبداها ترمب لطرد كومي، كسوء إدارته لتحقيق البريد الإلكتروني مع كلنتون، ليست صحيحة، وذكّر بمدح ترمب لكومي قبيل الانتخابات.
وأشار إلى أن تقارير تفيد بأن كومي رفض التعهد بالولاء لترمب في يناير الماضي، لكنه عرض أن يكون «نزيهاً» وطلب تخصيص موارد أكبر لتحقيق تدخل روسيا في الانتخابات، ما يوحي بأن السبب الحقيقي للإقالة هو إعاقة هذا التحقيق.
أفعال ترمب هذه -يتابع الكاتب- تدعو للتساؤل عما تريد روسيا تحقيقه، وما يجب فعله لإيقافها، وأشار إلى قول مدير الاستخبارات الوطنية السابق إن «تدخل موسكو في الانتخابات هدفه إضعاف ثقة الأميركيين في العملية الديمقراطية».
واقترح الكاتب أن تشكل لجنة مستقلة بشكل واضح للتحقيق في تدخلات روسيا لاستعادة ثقة الرأي العام الأميركي.
وختم الكاتب بالقول إن التشكيك في شرعية ونزاهة التحقيقات المستقلة التي قد تجريها مؤسسات أميركية حول الانتخابات الأميركية السابقة يعني خدمة مصالح روسيا عن عمد أو عن غير عمد، وحذر الكاتب من أن بوتن سيواصل استهداف الولايات المتحدة، حتى يتوقف الأميركيون عن التشكيك في التحقيقات.