وافق مجلس الوزراء فى اجتماعه المنعقد يوم الخميس 18 مايو 2017 على مقترح الوزير سيدي ولد سالم القاضي بإنشاء سلطة تنظيمية لضمان جودة التعليم العالي تكون ضمن الوزارة وخاضعة لوصايتها، وهذا مقترح فى غاية الغرابة يأتي تتويجا لإعادة هيكلة مثيرة للجدل اختزلت بموجبها الجامعات فى واحدة.
ويبدو أن الوزير بعد أن صهر الجامعات فكر فى صهر الوزارة فى سلطة تنظيمية لن يتجاوز دور أعضائها استلام رواتبهم ودراسة ملفات إنشاء الجامعات الجديدة والتفتيش وهذا الدور كانت تقوم به أجهزة الوزارة القائمة وكان يكفى تفعيل هذه الأجهزة، أما إضافة هيكلة هلامية فستزيد الأمور تعقيدا وستستنزف الموارد الشحيحة لقطاع يعاني من مشاكل كثيرة.
فلو كان الوزير موضوعيا ومرتبا لأولوياته لعمل أولا على تشجيع البحث العلمي الغائب فى بلادنا وتوفير التخصصات وفتح مسارات أكاديمية جديدة وتعبيد الطرق العلمية والمهنية المؤدية لسوق العمل الوطني الذي لا يستقبل من خريجي جامعاته وسلطه التنظيمية إلا 5% سنويا والباقون تنتظرهم ساحات تنظيم احتجاجات حملة الشهادات العاطلين عن العمل.
الوزير الأستاذ مصاب بهستيريا استصدار النصوص التي لا تطبق والتي مع الأسف عادة ما تكون مقتبسة فى الشكل أو فى الجوهر من نصوص دول أخرى ما إن يطلع عليها الوزير الشاطر حتى يقدم ما شابهها لمجلس الوزراء خلال الأسبوع الموالي.
أكثر ولد سالم من استصدار النصوص التي لن يستطيع هو تطبيقها ولن يطبقها غيره وإن كان صادقا ومخلصا فيما يزعم فعليه أن يتخذ القرار الشجاع بتحويل سلطته التنظيمية اليافعة إلى آلية لتفعيل البحث العلمي ويسخر قسما من مواردها لتفعيل هيئات التفتيش الأكاديمي وعصرنة منظومة التطوير العلمي.
إذا لم يكن قادرا على ذلك فليوظف ما تبقى فى جعبته من خيارات ليستقيل قبل أن يقال ويتفرغ للبحث عن حملة جديدة يديرها بطريقة مغايرة لإدارته للسابقة فالتاريخ لا يعيد نفسه ولا يسير بخطوط مستقيمة.