نشرت صحيفة الشروق القطرية فى عددها الصادر الاثنين 12 - 06 - 2017 موضوعا مطولا عن آراء الموريتانيين المقين فى قطر حول قرار الحكومة الموريتانية قط علاقاتها الديبلوماسية مع قطر.
وفيما يلي التقرير الذي أعده يسلم محمد العبدي لصالح الصحيفة وعنونه بعنوان: "الجالية الموريتانية تأسف لقرار حكومتها بقطع العلاقات مع الدوحة"
.مولاي عبد الله: قرار قطع العلاقات لا يعبر عن إرادة الشعب الموريتاني
أحمد فال: الأمير الوالد أول من اعترف بنظام ولد عبد العزيز
الحسن هاشم: الإخوة القطريون يفرقون بين قرارات الحكومات وخيارات الشعوب
محمد الأمين: الجالية لها مردودية مهمة على الاقتصاد الموريتاني من خلال التحويلات المعتبرة
د.آدي آدبه: بلاد شنقيط أسست سمعة أخلاقية عالية ولا نريد التأثير على هذا الرصيد المعنوي
عبر عدد من أفراد الجالية الموريتانية، عن صدمتهم الشديدة من القرار المفاجئ لبلادهم بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر الشقيقة، دون سابق إنذار، ورأوا أن سبب هذا القرار نجم في الغالب –كما هو متداول– عن ضغوط خارجية مورست على النظام الحاكم، وفرضت عليه اتخاذ إجراءات لا تمت بصلة إلى المصلحة الوطنية، بل تقابل الإحسان بالإساءة للشقيقة قطر التي مافتئت تمدّ يد العون للشعب الموريتاني على كل الأصعدة.
"الشرق" استطلعت آراء عدد من أفراد الجالية الموريتانية المقيمة في قطر في هذا الحدث، وتمحور ذلك فيما يلي:
أسباب قطع العلاقات غير مبررة
قال الدكتور مولاي عبد الله مولاي أحمد خلال حديثه عن أسباب قطع موريتانيا علاقاتها الدبلوماسية مع الشقيقة قطر، إن الراجح في ذلك أن يكون الضغط الخارجي، خاصة أن الظرف السياسي يدعم هذا الاحتمال، ومن الغريب أن بيان الخارجية الموريتانية لم يكن عليه ختم ولا تاريخ وكانت لهجته حادة، كما تضمن جملة من الاتهامات، تُذكرنا بالاتهامات التي وُجهت للشقيقة قطر، وتسببت في الأزمة الخليجية الحالية؛ وهو ما يثير الشكوك بأن جهة ما من الجهات الضاغطة أسهمت في صياغة بيان الخارجية الموريتانية المثير للجدل.
وبالتالي، فقرار قطع العلاقات هذا، لا يخدم إلا المصالح الشخصية، ولا يعبر عن إرادة الشعب الموريتاني، الذي هب مباشرة في مسيرات عفوية ليعبر عن صدمته واستيائه من هذا الحدث، كما عبر عن ذلك في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، ونذكر في نفس السياق رفض الأحزاب السياسية المنضوية في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة لهذا القرار، وكذا رفض حزب حاتم وحزب تكتل القوى الديمقراطية، وحزب تواصل.
فعلى الحكومة الموريتانية مراجعة هذا القرار وأخذ موقف متزن محايد كغيرها من دول المغرب العربي، والاستعداد بدلا من هذا النوع من المواقف المشينة للمصالحة ورأب الصدع بين الأشقاء.
قطع العلاقات نكران للجميل
أما المهندس أحمد فال محمد آبه: فيصف قرار قطع السلطات الموريتانية علاقاتها الدبلوماسية بالشقيقة قطر بالخطوة الارتجالية التي لا تخدم مصلحة البلد ولا مصلحة الجالية ولا حتى مصلحة النظام الحاكم نفسه، وتعبر عن نكران للجميل؛ فقطر كانت دائما إلى جانب موريتانيا في السراء والضراء؛ وقد قدمت لها الكثير من المساعدات المادية والمعنوية، والإنسانية الخيرية، كما قدمت لها فرص دراسة وتكوين وعمل كثيرة.
والاستثمارات القطرية في موريتانيا ظاهرة للعيان، ومن الأمثلة عليها: الديار القطرية ومصرف قطر الوطني ومؤسسات قطرية أخرى، كقطر استيل التي دعمت شركة الصناعة والمناجم الموريتانية...
كما قدمت قطر دعما كثيرا للحكومات التي سبقت ولد عبد العزيز، ومن ذلك تمويل مستشفى الشيخ حمد في مدينة أبي تلميت الذي يديره الهلال الأحمر القطري، فضلا عن المشاريع التي تنفذ الهيئات الخيرية في موريتانيا بشكل دائم ومستمر. ويستفيد منها الأيتام والفقراء في مختلف مناطق موريتانيا.
وفي سنة 2009م حينما رفض العالم الاعتراف بانقلاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز على الرئيس الموريتاني السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، وعاشت الحكومة الموريتانية آنذاك عزلة شديدة، كان الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفه آل ثاني ـ حفظه الله ـ أول من اعترف بنظام ولد عبد العزيز ودعاه لحضور قمة غزة آنذاك وأكرم وفادته.
وفي القمة العربية التي أقيمت في نواكشوط يوليو 2016م حضر سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى نواكشوط ودعمت قطر حينها موريتانيا بعشرين سيارة فاخرة لنقل الضيوف، وفي نفس الأثناء كان قادة بعض الدول الشقيقة في المغرب المجاورة لقضاء الإجازة ولم يحضروا، بل اكتفوا بتمثيل بلدانهم تمثيلا ضعيفا.
خيارات الشعوب
أما الحسن هاشم: فاستنكر قرار موريتانيا وقال إنه شكل صدمة قوية للجالية الموريتانية، التي تعودت على الإكرام والمعاملة الحسنة من الإخوة القطريين، فهو مثلا جاء لقطر بمنحة دراسية وأمضى سنوات الدراسة مكرما، معززا، ولما تخرج حصل على وظيفة محترمة، حاله في ذلك حال جميع الطلاب المتخرجين من الجامعات القطرية. وما كان ينبغي أن تعامَل قطر بعد كل هذا وغيره بإنكار الجميل، لكن الشعب الموريتاني عبر بكل وضوح عن تضامنه مع الشقيقة قطر، ورفضه لقطع العلاقات. ولا أعتقد أن هذا القرار سيؤثر على الجالية في قطر، لأن الإخوة القطريين يتفهمون الموضوع ويفرقون بين قرارات الحكومات في هذا الزمن الرديء وخيارات الشعوب.
أما محمد محمد الأمين: فاستنكر قرار الحكومة الموريتانية، وصرح بأنه كان صادما ومفاجئا ولا مسوغ له؛ فالموريتاني بالنسبة للقطريين يحظى بنوع خاص من التقدير والاحترام، ويعمل في معظم المجلات الوظيفية، ولا يُحظر عليه أي مجال وظيفي، ولم يقتصر دعم الإخوة في قطر للموريتانيين على الجالية المقيمة هنا، بل شمل الشعب الموريتاني في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والإنسانية.
والجالية الموريتانية رغم أنها ليست كثيرة من حيث العدد إلا أنها جالية نوعية نخبوية تشمل الأئمة والقضاة، والمدرسين والصحافة... ولها مردودية مهمة على الاقتصاد الموريتاني من خلال التحويلات المعتبرة، فينبغي أن تراعي مصلحتها، ومصالح الشعب الموريتاني الذي ما فتئت قطر تقدم له أنواع الدعم.
مآلات القرار الموريتاني:
قال الدكتور آدي آدبه: إنه لا يوجد مسوغ لقرار قطع موريتانيا لعلاقاتها بالشقيقة قطر لأن الأمور الظاهرة لا نرى فيها إلا ما يدعو لتعزيز العلاقة بين البلدين الشقيقين.
وقطع العلاقات الدبلوماسية من طرف واحد ولأسباب غير مبررة، قد يصعب معه رجوع الأمور إلى سابق عهدها، فلو زالت "أسباب التوتر" قد تشعر موريتانيا بنوع من الحرج يمنعها من إبداء الرغبة في إعادة الأمور إلى نصابها، زد على ذلك أن الطرف القطري نفسه قد لا يبدي الرغبة في عودة العلاقات مجددا لأنه يخشى، أن تُقطع في أي لحظة، ولم يعد يثق في استمرارها. لكن رغم كل ذلك تبقى طبيعة الأخوة والعروبة والأصالة التي تطبع الشعبين، ورؤية الجانب القطري مثلا للبعد الشعبي وللعلاقات الشعبية بين البلدين حتى لو أقدمت الحكومة الموريتانية على ما أقدمت عليه قد تجعل المياه تعود إلى مجاريها الطبيعية في أي لحظة مستقبلا.
ويسترسل الدكتور آدي آدبه: متحدثا عن تداعيات هذا الحدث المفاجئ على الجالية الموريتانية، حيث أكد أن القرار شكل صدمة بالنسبة للجالية الموريتانية بقطر، لأنه لم يكن متوقعا أبدا، ولم يكن له أي مبرر منطقي.
فعلى النظام الموريتاني ألا يغفل عن أن المصلحة العامة للبلاد ينبغي أن تكون دائما هي الأُولى والأوْلى، وتكون الحسابات على هذا الأساس أكثر مما هي استجابة لرغبات أو ضغوط خارجية... وأن يراعي أيضا ما يسمى بسمعة البلد، فبلاد شنقيط أسست سمعة أخلاقية عالية، وأي قرار حكومي يؤثر على هذا الرصيد المعنوي للبلد نطالب بتجنبه وبمراعاة هذه السمعة والمكانة الأخلاقية.