كان لجلالة الملك فاروق الأول ملك مصر و السودان و النوبة و أعالي الحبشة ، رحمه الله ، عدة هوايات منها الزّنى و إدمان القمار و الإفراط في الأكل و الشرب و التدخين وكانت رياضته المفضلة و تسليته الأثيرة النشل.
يحدثنا المؤرخون عما جرّته له هذه الرياضة الاستثنائية من مصاعب خصوصا مع ضيوف مصر المحروسة من ملوك و زعماء جعلوا من جلالته موضوعا عالميا للتندر و المؤانسة.
على سبيل المثال لا الحصر نذكر ما حدث خلال زيارة رئيس الوزراء البريطاني الشهير ونستون تشرشل في شهر يناير 1943 حيث دعاه الملك فاروق إلى حفل عشاء تمكن فيه الملك بمهارة من نشل ساعة رئيس الوزراء و هي ساعة أثرية من النوع الذي يعلق في الجيب. لم لا وقد استدرجه إلى قصر عابدين هناك حيث تلقى فاروق على أيدي كبار النشالين أصول المهنة و خفاياها .
لم ينتبه دولة رئيس الوزراء البريطاني لفقدان ساعته إلا وهو في طريق العودة لعاصمة الضباب فكلف سفيره و إدارة الاستخبارات الخارجية بالبحث عن الساعة المفقودة التي يرتبط بها عاطفيا أيما ارتباط ، انتهت التحريات باليقين على وجودها في متحف المسروقات الخاص بالملك الشره و النشال.
انتهز رئيس الوزراء البريطاني فرصة كتابة رسالة شكر بروتوكولية إثر زيارته لمصر دبج فيها من الشكر لمصر و مليكها و حضارتها العريقة الكثير خاتما إياها برجاء شخصي بإعادة الساعة التي ورثها عن جده الدوق مارلبورو التي منحته إياها الملكة فكتوريا إثر انتصاره المدوي في معركة بلينهام ، لم ينس تشرشل أن يلفت انتباه الملك فاروق إلى أن معلومات حكومة صاحبة الجلالة تؤكد وجودها في الرف الثاني على اليمين من القبو الأول في قصر عابدين بالقاهرة وختم رسالته بتمنياته الخالصة بالحفظ والصون لمصر ومليكها المعظم.
بعد أيام وصلت ساعة رئيس الوزراء البريطاني عبر السفارة المصرية في لندن ومعها كتاب اعتذار من القصر الملكي وفيه أن الساعة عثر عليها في حديقة القصر الملكي مرجحا سقوطها من دولته خلال حفل الكوكتيل.
قبل ثورة يوليو أفتت مجموعة من علماء الدين يتقدمهم وزير الأوقاف حسين الجندي و نقيب الأشراف محمد الببلاوي بوجوب إطلاق لقب أمير المؤمنين الفاروق على الملك المصري ، لكن ثورة يوليو أطاحت بالعرش المصري و لتنتهي حياة أمير المؤمنين بعد ذلك بسنوات ليلة 18 مارس 1965 في مطعم "إيل دي فرانس" بمدينة روما بعد أن التهم 12 كيلو غراما من المحار و جراد البحر و شريحتين من لحم العجل و صحن من البطاطا المقلية و كمية كبيرة من الحلويات المحشية بالمربى و قنينتين من الويسكي... كان عشاء خفيفا بمعايير جلالته لكنّها عوادي الزمان و تقدم العمر!.
توفي أمير المؤمنين فاروق بالتخمة وقبله انتقل كل من الببلاوي و الجندي إلى مزابل التاريخ و لم يبق من ذكراهم سوى الفتوى المضحكة التي أصدرها الرجلان المستندة على أن الملك فاروق من نسل النبي عليه الصلاة و السلام و أن أمه الملكة الفاتنة و اللعوب نازلي من سلالة فاطمة الزهراء رضي الله عنها رغم أن فاروق ينحدر من أسرة محمد علي باشا الألبانية الأصل و الفصل.
إنهم علماء السوء و تجار الإفك الذين نرى اليوم أمثالهم يتحفوننا بأنواع التزلف و التملق والوصولية ، أحدهم يجزم بأن رسول الله لو كان بيننا لصوّت لولد عبد العزيز، ثانيهم يشبه الجنرال برسول الله عليه أفضل الصلاة و السلام و ثالثهم يفتي بحرمة التظاهر ضد ولد الشيخ عبد الله بالأمس ثم يفتي نفس الفتوى لمن أطاح بولد الشيخ عبد الله من نفس المنبر دونما ذرة من الخجل .
سيزول فاروق موريتانيا عاجلا أو آجلا بانقلاب أو انتخاب أو تخمة أو سبب آخر و ستبقى قصص فقهاء القطاع العام وأئمة القطاع غير المصنف مجالا للتندر تضحك ربات البيوت البواكيا.