مدينة أبي تلميت :
بين مطرقة الحصار السياسي والإهمال الإداري !
وسندان فقدان التعاون والدعم القطــري !
مدينة بتلميت مدينة عريقة وكبيرة ولقد تميزت في الكثير من المجالات وخاصة السياسية الثقافية .
وقد شاركت في بداية إرهاصات الدولة الموريتانية كما ساهمت في إنشائها على يد رجال سياسيين أكفاء ..
أشداء على أنفسهم رحماء فيما بينهم وذلك بقيادة الرئيس المؤسس / الأستاذ المختار ولد داداه رحمه الله باني الأمة وصانع مجدها .
ومنذ تلك اللحظات التاريخية ومدينة أبي تلميت تعتبر منهلا لطلاب العلم وملجأ لأصحاب الحاجات ومركز لإيواء جميع الأفراد الموريتانيين وغيرهم من أجل الأمن والسلام والرغبة في الخير لجميع المسلمين .
فقد عرفت هذه المدينة بـأشياخها .. وعلمائها .. وأوليائها الصالحين كل هذا يتمثل في أسرة أهل الشيخ سيديا الكريمة ودورها في بناء هذه المدينة وتأسيسها والعناية بسكانها القادمين من كل حدب وصوب حتى أصبحت قبلة لكل المسلمين فمن يريد الله به خيرا يزور هذه المدينة لقضاء حوائجه .. أو تفقها في أمور دينه ودنياه .
وبناء على ذلك تم إنشاء معهد بتلميت للعلوم الإسلامية لينهل من معينه كل أبناء الوطن وغيرهم ليدرسوا فيه ويتخرجوا معلمين أو أساتذة وعلماء كان لهم الدور البارز في تنشأة الأجيال الوطنية والتعريف ببلاد شنقيط في المحافل الدولية وتحسين صورتها بين الأمم ومن بين هؤلاء العلماء لا للحصر
- العلامة الشيخ محمد سالم ولد عدود رحمه الله
- العلامة عبد الله ولد بيه أطال الله في عمره
- العلامة حمدا ولد التاه أطال الله في عمره
إلى آخر القائمة الطويلة .
كما ساهمت في تكوين العديد من الأطر والمفكرين والكتاب البارزين والوزراء السياسيين الذين كانوا يشاركوننا في بناء الدولة الموريتانية الحديثة ويجب علينا أن نسأل الله تعالى لهم الرحمة والغفران و يدخلهم فسيح جناته إنه سميع مجيب وهم :
- أحمد ولد منيه
- إسحاق ولد الراجل
- سيدنا ولد سيديا
- محمد سيديا ولد الباه
- خديجة بنت أحمد
إلى آخر القائمة .
هؤلاء الرجال قد عرفوا بالأخلاق والنزاهة والاستقامة وحب الوطن وخدمة الجميع كما أهنأ أولئك الذين لم يبخلوا جهدا في خدمة هذه المدينة والوطن بصفة عامة أطال الله في عمرهم وهم :
- أحمد كلي ولد الشيخ سيديا
- عبد الله ولد سليمان ولد الشيخ سيديا
- إسماعيل ولد بد ولد الشيخ سيديا
- إسماعيل ولد الصادق
- أحمدو ولد أحمدو
- عبد الله ولد أحمد دامو
- محمد ولد رافع
- الشيخ سيديا ولد موسى
كل هؤلاء وأولئك أبناء بررة لهذه المدينة التي تميزت بانتماء إليها هذه الشخصيات الاعتبارية التالية المهمة :
- أول رئيس موريتاني
- أول برلمانية موريتانية
- أول محامي موريتاني
- أول دركي موريتاني
- أول صحفي وصحفية موريتانية
- أول كاتب وروائي موريتاني ... إلخ
المهم أن هذه المدينة لها شأن كبير سواء على المستوى الوطني أو الدولي وعلى الدولة أن تقوم بدورها الكبير اتجاه هذه المدينة التي أصبحت فيما بعد تمثل الاتجاه الآخر في نظرها (المعارضة) لكن هذا ليس جريمة وليس مبررا للحرمان وإنما هو تكملة للدور الآخر وهو المسلسل الديمقراطي الذي ما زال في بداية الطريق . كما على أبناء هذه المدينة البررة مواصلة المشوار وحمل المشعل السياسي والثقافي للنهوض بها ونفض الغبار عن التركة الثقيلة والقيام بالمسؤولية الكبرى اتجاهها.
فقد شهدت في السنوات الأخيرة تهميشا لا يمكن السكوت عليه .. أو حتى غض الطرف عنه لأنه لا مبرر له فهي كباقي جميع المقاطعات التي نالت حظا من الانجازات والاهتمامات كما نال سكانها نصيب الأسد من التعيينات الكبرى وإلى حد الآن إلى متى سيتم تمثيلها في الحكومة ..؟
فإذا نظرنا إلى جميع الوزارات القائمة اليوم فسوف لن نرى إلا اسما واحدا أو اثنان ينتميان إلى هذه المقاطعة لكن لا نعرف هل قد تم اختيارهما بالتشاور مع ساكنة المدينة أم لاعتبارات أخرى لا داعي لذكرها الآن .فالتعيينات الوزارية وكما كان سائدا في الفترات الماضية وكما هو معروف تقوم على عدة تدخلات من بينها:
- الزعامة الروحية
- وجهاء القبائل
- الانخراط في الحزب
- الولاء العسكري
- الجانب الاجتماعي وخاصة دور المرأة فيه
- التوبة النصوحة من المعارضة والنية أن لا يعود وهذا كله متوفر وموجود داخل هذه المدينة .
إلا أنه من الملاحظ أن دور الحزب (حزب الاتحاد من أجل الجمهورية) الذي لم يبلغ سن الرشد بعد ليس كسابقيه وهو الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي فهذا الأخير قد عرفه سكان المدينة وعرفهم وضحوا من أجله وانخرطوا فيه ودافعوا عن مبادئه وعن قائده الذي كان بالنسبة لهم الحزب الحقيقي الذي يمثلهم ويدعم مصالحهم وقد يكون ذلك راجعا إلى الأشخاص والوزراء الذين كانوا يمثلونه بجد وإخلاص ويسعون إلى المزيد من الانجازات والتطلعات بسكان المدينة الذين يمثلونهم وقد شهدت المدينة في عهدهم إنجازات كبرى تمثلت في الحصول على الكهرباء وتوسعة للمياه ومساعدة السكان بالإضافة إلى البنية التحتية والرغبة في إصلاح ذات البين والتنمية المحلية.
أما المرحلة الحالية والواقع الذي لا تحسد عليه المدينة التي تعاني من عدة أزمات ومشاكل من بينها اختلاف المشارب والمآرب تعدد المصالح والتفرقة بين الجماعات أو الأحلاف إن صح التعبير فهناك ما يقارب عدة أحلاف قد تكون ناتجة عن الصراع القديم الجديد (البساط – النكاطة)
- حلف أهل المنيه
- حلف يوسف ولد عبد الفتاح
- حلف تاكنيت وجماعتهم
- حلف الشيخ محمد الحسين ومحمد ولد الصادق وجماعتهما
- حلف ولد بون مختار وجماعته
- حلف أهل أحمد عيش وجماعتهم
- حلف عبد الله ولد سليمان وجماعته ...إلخ
هذا بالإضافة إلى ظهور الزعامة الروحية والمرجعية وصاحب المبادرات الإصلاحية الشيخ / الفخامة سيد محمد ولد عبد الرحمن ولد الشيخ سيديا (الملقب الحكومة) حفظه الله ورعاه .
علاوة على وجود بعض الحركات التحررية والإيديولوجية تغذي النزاع هي الأخرى داخل المدينة .
في هذا الفضاء السياسي القبلي والفئوي والروحي المشحون بالتناقضات والصراعات أصبحت المدينة فريسة سهلة لها بعد حصولها على التمويلات الكبيرة والضخمة من طرف دولة قطر التي أعطت الإشارة في تنفيذها لكن الدولة الموريتانية وقفت لها بالمرصاد ... وربطت تلك الانجازات بإنجازات أخرى .. في أماكن أخرى دون أن يتدخل أحد أو يتكلم وذلك هو أضعف الإيمان وبقية المدينة تعاني كما يعاني سكانها .. فالشوارع التي كانت مبرمجة والمعاهد والجامعات والقرية النموذجية .. ومدارس الامتياز وتوزيع القطع الأرضية وتشغيل حملة الشهادات كل هذا قد تلاشى وأصبح سرابا يحسبه الظمآن ماء . فالدولة عاجزة عن فعل أي شيء كما هو الحال بالنسبة لأبناء المدينة فالمصالح الإدارية شبه متعطلة .. والمسؤول غير موجود .. كما يلاحظ أن الحملة الأخيرة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية للتصويت على التعديلات الدستورية قد وصفها البعض بالحملة الخجولة ولا ترمي إلى المستوى المطلوب بالنسبة للحملات السابقة وقد يكون ذلك راجعا إلى عدم تحمس المواطن أصلا الناتج عن فقدانه للأمل والرعاية في النخبة السياسية كما هو الحال للكثيرين الذين قد لا يعرفون إجراءات التصويت .. أو حتى مكان ومقر الحزب داخل المقاطعة .. اللهم إلا إذا كان صاحب إيجاره .. أو صاحبته من أجل الحصول على مستحقاتها الشهرية حتى لا أقول السنوية .