جرت مياه كثيرة تحت جسور أزمة قطر مع جيرانها .. وصمدت قطر وفعلت شراكاتها وشكل حلفها العسكري مع الأتراك توازنا فى ميزان الرعب العسكري أبعد شبح التدخل المباشر وتحولت علاقاتها مع إيران إلى أداة للضغط على الإمارات وعلى البحرين.
وتسابق الجميع لكسب ود الولايات المتحدة التي ظل موقفها رغم تأرجحه وازنا وبدت كما لو كانت غير آبهة بالحسم لصلح أي من الفرقاء، فكلما زاد أمد النزاع كانت مصالحها أوفر .. وخرجت تركيا من بياتها الأوروبي ودخلت على الخط وفاء لحلفها مع قطر واستشرافا لدور متجدد فى حماية الحرمين الشريفين.
وخرجت إيران عن تقيتها وأسمعت صوتها كفاعل إقليمي يحسب له حسابه فى تأزيم الأوضاع من خلال تعضيد موقف طرف ضد مواقف أطراف أخرى.
وطبعا لم تكن إسرائيل بعيدة فهي الرابح الأكبر من تأجيج الصراعات العربية - العربية .. اختلطت الأوراق ولم يعد واضحا من هو المحاصِر ومن هو المحاصَر ومن؟ يحاصر من؟ وبدا واضحا لمن يتدبر مآلات الأمور بأن المحاصَر هو الانسجام الخليجي .. هو آفاق الخروج العربي الآمن من أهوال ما بعد الربيع العربي.
بكل أسف في هذا النوع من النزاعات ما يلبث الآخرون أن يتكفلوا بإدارة الأمور وفقا لمصالهم على حساب مطلقي شرارته وضحاياه ، ويظل السؤال الجوهري الذي يراود المتابعين هل ما يزال هنالك متسع من الوقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
قد يكون الجواب إيجابيا فقط إذا أعاد المحاصِرون هيكلة مطالبهم وأوصلوها لحد المستطاع قطريا ، وأجري الجانب القطري من جهته مراجعات عميقة وشاملة تمس جوهر مقاربات التعاطي مع الأصولية بمكوناتها السياسية والاصلاحية والارهابية .. واقتنع الجميع بضرورة تمهين زوايا معالجات منابرهم الإعلامية التي انحدرت إلى حضيض النقائض السياسية ، وكفت أطراف دولية وإقليمية عن صب زيت مطامحها ومطالبها على نار خلافات منطقة ملتهبة أصلا وعلى كف عفريت .. هل توفق الوساطة الكويتية فى تصريف الأمور في هذا الاتجاه؟ أم يستمر الركود المأزوم واستنزاف الولاءات المدفوعة وفق اجندات قوى أخرى؟
أحميدوت ولد أعمر