هاآرتس: جرأة محمد بن سلمان تولد مخاوف لإسرائيل وأمريكا

خميس, 07/06/2017 - 06:52

هل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو فعلاً حلم إسرائيل الذي تحقق؟ ما هي الفرص التي يحملها الملك المستقبلي لتل أبيب وواشنطن؟ وعلى الجانب الآخر، هل ثمة مخاوف من الأمير الشاب الذي يصفه البعض بالمتهور في قراراته، والمدفوع بحماسة الشباب؟
كانت هذه بعض التساؤلات التي أجاب عنها دان شابيرو، السفير الأمريكي السابق في تل أبيب، في مقال تحليلي نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الاثنين 3 يوليو 2017، تحت عنوان "هناك ثمن للعلاقات مع السعودية".
الباحث والدبلوماسي اليهودي شابيرو، الذي يعمل حالياً زميل أبحاث زائراً في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، وشغل سابقاً منصب مدير بارز لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي، خلص في مقاله إلى أن وصول بن سلمان إلى ولاية العهد في المملكة يحمل في طياته وعداً لكل من إسرائيل والولايات المتحدة، لكنه في الوقت نفسه محفوف بمخاطر معينة، ومن ثم فعلى تل أبيب وواشنطن "تبني دبلوماسية ذكية والإصرار على مصالحهما المهمة لتحقيق الاستفادة القصوى وتقليص المخاطر".
إلى نص المقال
لم يكن توقيت الخبر الذي جاء من السعودية متوقعاً، لكن مضمونه لم يكن مفاجئاً: جرى تصعيد محمد نجل الملك سلمان إلى درجة ولي العهد والإطاحة بابن عمله الذي يكبره سناً محمد بن نايف.
مثلما يحدث في أسر حاكمة أخرى، أيضاً في السعودية يفضل الملوك تمرير العرش لنسلهم المباشر. بالنظر إلى سنه الصغيرة، 31 عاماً، والسن المتقدمة لوالده، فإن ولي العهد قد يحكم لعشرات السنين.
بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، يحمل اختياره في طياته وعداً، ولكنه يحمل إلى جانب ذلك مخاطر محددة. يتعيّن على الدولتين تبني دبلوماسية ذكية والإصرار على مصالحهما المهمة لتحقيق الاستفادة القصوى وتقليص المخاطر.
اشتهر محمد بن سلمان بأنه نصير الإصلاحات والتحديث، ويتميّز بجرأة تفوق جرأة أي زعيم سعودي سابق. صحيح أن ابن عمه محمد بن نايف معروف بأنه شريك دائم وموثوق به للولايات المتحدة، لا سيما في الحرب على الإرهاب، لكنه ينتمي إلى جيل أكثر محافظة، ويصعب تخيّله يتعامل مع الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي يرفعها ولي العهد: خصخصة شركة النفط، تقليص الدعم لإجبار السعوديين أكثر على الخروج إلى العمل، رفع مستوى الكفاءة المهنية لقوات الأمن وتوسيع الفرص أمام النساء.
انفتاح بن سلمان على أفكار جديدة ربما يبشر بتحولات في المجتمع السعودي وعلاقته بالعالم.
من وجهة نظر إستراتيجية، يميل بن سلمان إلى التحالف مع الدول العربية السنية المعتدلة: تربطه علاقة بولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، ويدعم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. المشترك بين الثلاثة هو النفور من إيران، ومن المحور الشيعي الراديكالي، ومن الحركة الإسلامية السنية، ومن الإخوان المسلمين وصولاً إلى القاعدة وداعش.
إن صعود حكام عرب مسلمين أقوياء، يرون في خصوم الولايات المتحدة وإسرائيل خصوماً لهم، يمكن أن يعزز عملية بلورة كتلة دول تضم الولايات المتحدة، ودولاً عربية سنية وإسرائيل، ولديها مصالح إستراتيجية مشتركة في الشرق الأوسط، والاستعداد للتصدي للاعبين المتطرفين في المنطقة.
بالنسبة لإسرائيل، فإن زعيماً سعودياً ديناميكياً، يتقاسم تصورها الإستراتيجي ويعترف بأن هذا يضعها في المعسكر نفسه، هو بمثابة حلم تحقق.
مع ذلك أبدى ولي العهد ميلاً للمواجهة، على عكس سابقيه، وليس دائماً بالتنسيق مع الولايات المتحدة. المعركة العسكرية التي تخوضها السعودية في اليمن، بهدف هزيمة المتمردين الحوثيين الذين ينشطون بدعم إيران، جرت إدارتها بشكل سيىء.
خلّف القصف العشوائي أضراراً واسعة بين المدنيين، وساهم في تفشي الجوع والأمراض. تجاهل بن سلمان نصائح الولايات المتحدة لتحسين مستوى الدقة وتوجيه النيران لأهداف عسكرية، لكنه طالب بالحصول على تأييد أمريكي كامل للسعودية.
المعركة الأخيرة التي قادتها السعودية لعزل جارتها قطر، على خلفية دعمها لتنظيمات سنية متطرفة، هي نموذج لسلوك متهور ينطوي على عواقب وخيمة على مصالح الولايات المتحدة. رغم تغريدات التأييد الأولى التي كتبها الرئيس دونالد ترامب، اضطرت الولايات المتحدة إلى التوسط لحل النزاع، لأنه يصعّب عليها إدارة نشاطها العسكري الجوي في المنطقة انطلاقاً من القاعدة الكبيرة في قطر.
إذا ما تبنى بن سلمان نهجاً مماثلاً تجاه إيران، فيتوقع أن يشعل مواجهة تجعل الأوضاع تتدهور بسرعة. في مثل هذه الظروف، ستُدعى الولايات المتحدة للتدخل وربما تنجر إلى معركة عسكرية في توقيت لم تقم باختياره. السعودية هي التي يمكن أن تشعل المواجهة، لكن الولايات المتحدة هي التي سوف تتحمل النتائج.

"اشتهر محمد بن سلمان بأنه نصير الإصلاحات والتحديث، ويتميّز بجرأة تفوق جرأة أي زعيم سعودي سابق" وعلى إسرائيل أن تخشى ذلك

لذلك، وبالتوزاي مع دعمها للمملكة العربية السعودية، سيتعيّن على الولايات المتحدة أن تكون حازمة مع ولي العهد، وأن توضح له أنها تتوقع ألا يقدم على خطوات من شأنها الإضرار بمصالحها، دون إجراء مشاورات مسبقة معها.

حتى الإسرائيليون الذين يفترض أن تتزايد آمالهم في خوض مواجهة ضد إيران بقيادة الولايات المتحدة أو استهداف منشآتها النووية، يدركون أن قراراً كهذا يجب أن يُتخذ في واشنطن، وليس في الرياض.

أخيراً، يأملون في الولايات المتحدة وإسرائيل أن يكون ولي العهد بن سلمان منفتحاً على تحسين العلاقات مع إسرائيل، وحتى على عملية تطبيع. لكن، ومن أجل تشجيع مثل هذه الخطوات، ينبغي تجنب الفرحة المسبقة. فعلى الأغلب لن يحيد نهجه كثيراً عن مبادرة السلام العربية التي تنطوي على إمكانات التطبيع الكامل مع إسرائيل، لكن فقط في إطار حل الدولتين، الذي يضع حداً للصراع مع الفلسطينيين.

أيضاً، بعد تعزيز موقعه، ليس من المرجح أن يتحمل بن سلمان مخاطر سياسية ويحيد عن القضايا الإقليمية التي تتصدر جدول أولوياته، لتدفئة العلاقات علناً مع إسرائيل. بالطبع لن يحدث ذلك قبل حدوث انطلاقة كبيرة في المسألة الفلسطينية.

بينما يواصل (مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب) جاريد كوشنير و(ممثل ترامب في الماوضات الدولية) جيسون غرينبلات رحلتهما الدبلوماسية في المنطقة، يتعيّن عليهما أن يقولا بوضوح للعرب إن الولايات المتحدة تشجع عملية تطبيع العلاقات، وأن يقولا أيضاً بوضوح لإسرائيل ما الذي يتطلب القيام به لتحقيق ذلك.