يغمر هاجس 2019 الموريتانيين بكل المستويات ويتوجس معظمهم خيفة من السنة الموعودة التي بدأت تجر البلاد جرا نحو أيامها الحبلى بالمفارقات ولياليها العامرة بالمفاجئات.
والواقع أن السنة العجيبة انقلابية بامتياز فقد انقلبت على 2016 وعلى 2017 وعلى 2018 وأصبحت سنة ثلاثية الأبعاد بكل المقاييس ، فالعد التنازلي لها بدأ مطلع 2016 ومن شهدائه الشيوخ والعلم والنشيد الوطني والدستور والتناوب والتداول وربما الديمقراطية والتنمية.
لقد أدخل هاجس السنة العجيبة موريتانيا مرحلة حرجة للغاية ، ففخامة الرئيس ضبط أجندته على إيقاع السنة العجيبة وهو يتقدم خطوة نحو المغادرة الآمنة ويتراجع بخطوتين نحو البقاء والاستمرار "المؤمن" ... وعلى ميمنته شلة جنرالات يطال التقاعد معظمهم قبل 2019 إذا لم يمدد لهم وهم من دعاة بقائه لأجل التمديد ... وعلى ميسرته ثلة من المتسيسين المخضرمين المستعدين للإنبطاح لأي كان ما دام يمتلك السلطة ... وحوله أصحاب المبادرات الذين يشحذون سكاكينهم لاستخلاص جزية تمرير التعديلات والتصفيق الجزافي ... وغير بعيد تتواجد فلول معارضة مترهلة الصفوف لا تعرف ما ذا تريد بالضبط ولا قرة لها على توفير أية بدائل ... وحول هؤلاء وأولائك تقبع أغلبية صامتة محبطة مغلوبة على أمرها أنهكتها الوعود الكاذبة ولم تعد تثق في أي شيء.
خطورة 2019 أنها سنة الحسم فالرئيس دستوريا لا يمكن أن يترشح لولاية ثالثة مما يجعله على رأس فيلق المغادرين حتى إشعار آخر ، وقادة المعارضة "الكبار" من حجم أحمد ولد داداه ومسعود خرجوا من السباق والجنرالات سيتقاعد منهم 10 قبل 2019.
وحتى كبار الموظفين وأصحاب المبادرات تتقاعد منهم بل ومن أبرزهم 4700 شخص يتواجد معظمهم الآن فى مناصب إدارية قيادية.
موازاة ستخرج المدارس والمعاهد جيوشا من العاطلين عن العمل وبكل تأكيد سيصبح تململ المنظومة الديمغرافية أكثر حدة وستتغير أشياء كثيرة من حول موريتانيا إقليميا ودوليا مما يفتح كل الاحتملات المحسوبة وغير المحسوبة.
أمام أهوال ومفارقات 2019 لا يوجد إلا خياران:
ــ خيار تحضير التناوب المدني السلمي للسلطة وتداولها بصورة ديمقراطية شفافة عبر صناديق الاقتراع ، ويتطلب هذا الخيار مراجعات جوهرية من كل الأطراف ، وهو خيار البقاء فى عالم شديد التأزم.
ــ الخيار الثاني هو خيار الترقيع والتمديد وتعبيد الطرق الشعبوية الالتفافية للتشبث بالسلطة وهو خيار محفوف بالمخاطر جربته دول ما تزال تترنح مراوحة مكانها فى أزمات قتالة.
حفظ الله موريتانيا من أهوال 2019 ومن أهوال ما قبلها وما بعدها والهم نخبها وشعبها من الحكمة والتبصر ما يعصمها من كل مكروه إنه ولي ذلك والقادر عليه وعليه التعويل وله الأمر من قبل ومن بعد.
محمد عبد الله ولد محمد الأمين [email protected]