يبث كل يوم سيل من الاشاعات بمعدل عشرين إشاعة يتحدث معظمها هذه الأيام عن تعديل وشيك للحكومة.
وعكس ما يتبادر للوهلة الأولى فهذه الاشاعات لا تهم 99.9% من الموريتانيين المحبطين الغارقين في هموم العيش اليومية ، بل تهم في أحسن الأحوال ثلة لا تصل حدود الألف محصورة فى محيط تفرغ زينه وما جاورها .. هذه المجموعة تتكون من مستويين:
مستوى شذاذ الآفاق من البشمركة ومن على شاكلتهم من الغاوين والمحابين وأصحاب المقاولات "الناعمة" وهؤلاء تتصاعد وتيرة انتاجهم للإشاعات وتبلغ الذرة قبيل عيد الاضحى لتأمين الحصول على "انجيونه" ، ولتفشي البخل في مظان الرزق تجمع "انجيونه التعديل" من مصادر متعددة فاليوم يرشح عمرو وغدا يرشح زيد ويستدرج طارق للدفع المسبق مقابل الزج باسمه فى بورصة الاسماء المتغيرة ، وقبيل العيد بيومين يجمع المروجون الكبار ما يكفي لتأمين خروف العيد وينهمك الصغار وأصحاب الحظ العاثر في تحضير "إشاعات العيد" و "ما بعد العيد".
مستوى المستفيدين من الاشاعات وهم صناع القرار ورجال الادارة ومجموعة من الاطر عديمة الكفاءة التي تنتهج المحسوبية وتمارس كل الأساليب الملتوية منطلقة من كون الغاية تبرر الوسيلة.
الغريب أن حصيلة الاشاعات المنشورة تحين كل يوم وتصل من يهمه الأمر ، وروي أنه عادة ما يبتسم ، وقد تولدت لديه قناعة بأن معظم من ترد أسماؤهم بتواتر يتحملون قسطا من مسؤولية تشجيع المروجين بطرق مباشرة وغير مباشرة وأنه يعتبر ذلك فسادا وإفسادا ، لكنه يرى فيه شيئا من التفريج وتهوية المزاج العام.
والطريف أنه لكثرة الاشاعات يتحول التعديل الحقيقي عندما يصدر إلى إشاعة تلحق بها أخريات تتحدث دائما عن تعديلات تكميلية لاحقة ، فنحن أمام إدارة لا تنتج بكل الأسف إلا الاشاعات ، وأمام نخب لا تتوفر في معظمها على المعايير الضرورية ولذلك تلجأ هي الأخرى للتعبير عن مطامحها إلى هذا النوع من الأساليب الملتوية.
وهذا من أهم التحديات التي عصفت بالجمهورية الثانية وقد تئد الثالثة في مهدها إذا لم يتداعى الجميع وعلى رأسهم فخامة الرئيس لإجراء مراجعات مؤلمة.
عبد الله ولد محمدو [email protected]