يبدأ الرئيس محمد ولد عبد العزيز في 16 مارس الجاري زيارة اتصال لولايات الحوضين يبدأها بالحوض الشرقي ثم الحوض الغربي قبل أن يعرج في الأخير على مقاطعة كنكوصة بولاية العصابة ليدشن بعض المشاريع.
والمفارقة أنه سيصعب على الرئيس رغم تواجده ميدانيا التواصل مع الساكنة الفعلية للمناطق المزورة فقد سبقه إلي هناك "أطر الحوضين" وسبقه الشعراء والغاوون والصحافة والفضوليون والوسطاء والموردون والحسناوات والعوانس والمخنثون والمشايخ و"المناصرون" وأحزاب الأغلبية وأحزاب أخرى من دون ذلك.. بعبارة واحدة سبقه "عكاشة" وسبقه "الزياراتيون" وهم طبقة قائمة بذاتها.. لهم أحزابهم وبرصهم ونواميسهم ونحلهم.. سيتواجدون حول الرئيس وسيطوقونه من كل مكان، وفخامته سهل مهمتهم من حيث لا يدري أو لعله يدري.
فما دام لن يقيم مهرجانات شعبية وفضل السفر جوا بين المقاطعات فسيظل حبيس "الزياراتيين" وتلك المقابلات المبرمجة ستكون حتما من نصيب هؤلاء أو من طرف من يعمل لتزكيتهم.. لن يري الرئيس الشعب إلا من بعيد وخلال لحظات مرور الموكب في مداخل المدن المكفهرة.. الشعب سيفوج بالمائات وسيزود بشعارات ولا فتات وصور وسيهتف بحياة الرئيس وبضرورة استمراره مدي الحياة قائدا للبلاد وسيهتف بأشياء مختلطة وستنقل وسائل الاعلام "حفاوة الاستقبال" لكن الأمور ستقف عند هذا الحد.. فالرئيس سيقابل من كان بوسعه مقابلتهم هنا في انواكشوط ولن يقابل من تجشم عناء التنقل إليهم.
طبعا لا يحتاج فخامته لعبقرية "الزياراتيين" لكي يلمس أو جاع الشعب المحبط فالناس يريدون الماء والكهرباء والغذاء والأمن والسكن اللائق والدواء وحالهم يكفي عن سؤالهم.. يريدون الكرامة والحرية والتناوب السلمي ويتطلعون إلي حكامة تشاركية أكثر عدلا في مجالات تقسيم الثروة وممارسة السلطة.. الناس تعبوا من الخطابة لأجل الخطابة وتعبوا من الوعود التي تتبخر.. الناس لهم أجنداتهم البسيطة الواقعية الخاصة كما للرئيس أجنداته الخاصة من الزيارة.. والمؤسف أن لا تلتقي الأجندات وتطغي تلك الخاصة منها بالرئيس على حساب أجندات الناس.. الناس لا تهمهم المأموريات ولا تهمهم الإستفتاءات.. يهمهم تحقيق الكفاف المعاشي كحد فاصل بين الحياة والموت جوعا وكمدا في وطن تتراكم ثروات أغنيائه ويقل عددهم وتتزايد اعداد فقرائه لحد مخيف.. فلترحمهم يافخامة الرئيس.. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
عبد الله محمدو للتواصل: https://www.facebook.com/dedehmed