لم ولن تكون للدول عواطف بل لها مصالح لكن تلك المصالح كانت ترتكز على قناعات وإيديوليوجيات ومبادئ وتوجهات.
أما اليوم وبعد موت الايديوليوجيات وتبخر المبادئ فقد أصبحت المصالح مشخصنة وتحولت معظم اللقاءات الدولية والاقليمية والثنائية إلى مزادات لشراء الذمم والمواقف، فمقابل شيك بدوزينة ملايين من الدولارات يمنح أثناء احتساء قهوة على طاولة جانبية أو عبر مكالمة مؤمنة يمكن شراء مواقف مسؤولي نصف دول العالم .. لذلك لم تعد الدول والدويلات صاحبة السيولة المسكونة بجنون العظمة بحاجة إلى أخذ ورد أو مساومات ولم تعد بحاجة إلى مراجعات للمواقف مع هذه الدولة أو تلك بل عمدت إلى تزويد مسؤولي "ديبلوماسيتها" بدفتر شيكات موقعة على بياض ليساوم ويشترى ما هو مطلوب من مواقف، ومن فوائد ديبلوماسية الشيكات أنها تفاعلية وتعطي نتيجة سريعة مشخصنة تسهل متابعتها، فالموقف المشترى يتخذ أربعا وعشيرن ساعة قبل أن تتسرب حيثياته لقنوات التواصل الاجتماعي ولغيرها من وسائل الاعلام .. وحينما يبدأ الاعلام بالحديث تكون الأمور حسمت فالموقف اتخذ والفلوس سلكت طريق أللاعودة.
فى الأونة الأخيرة ازدهرت ديبلوماسية الشيكات فى عالمنا العربي والاسلامي وأصبحت أداة فعالة من أدوات إدارة الصراعات ووسيلة لتحضير القرار وصنعه، وانقسمت الدول إلى دول تبيع ما لديها من مواقف ودول تشتري ما هي بحاجة إليه.
انتهت ديبلوماسية المصالح القائمة على المبادئ وازدهرت ديبلوماسية الشيكات وهي ديبلوماسية جديدة أوجدت أطرافا ودولا مستعدة لبيع كل شيء مقابل أي شيء .. والآتي أعظم.
أحميدوت ولد أعمر