أظهرت بيانات مصرفية انتشار الاقتراض بين الموريتانيين سواء من الأفراد أو المصارف والمؤسسات الحكومية، لتعد النساء الأكثر استدانة في المناطق الحضرية بشكل خاص، فيما أرجعه خبراء اقتصاد إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة لمستويات كبيرة.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نسبة الفقر في موريتانيا تصل إلى 46% من مجموع السكان البالغ ثلاثة ملايين نسمة، بينما تبلغ البطالة 30%.
وأظهرت دراسة حديثة، أن الفقر النقدي ينتشر بشكل كبير، لا سيما في المناطق الريفية، حيث تصل نسبته بالقرى إلى 76.4%، ما يدفع الفلاحين إلى الاستدانة لتسيير مشاريعهم الزراعية، أو للإنفاق على أمورهم الحياتية.
وكشفت أن القرويات يلجأن إلى مؤسسات القروض الصغرى لتأمين احتياجات أسرهن، حيث إن نسبة النساء معيلات الأسر في القرى تقدر بـ 31.7%.
وفي الوسط الحضري، تأتي النساء في مقدمة المدينين، حيث أكدت الدراسة أنهن يشكلن 51% من المدينين، رغم أن المبالغ التي يستدينونها أقل من المبالغ التي يقترضها الرجال.
وعزت الدراسة ارتفاع نسبة النساء إلى الفقر والأمية والبطالة، حيث تبلغ نسبة الأمية في صفوف النساء 53%، بينما تجذر الفقر في أوساطهن ليتجاوز 60%، مشيرة إلى أن نسبة تملك النساء للعقارات لا تتجاوز 18.7%.
وعلى الرغم من أن الحكومة أقرت ثلاث زيادات في رواتب الموظفين في السنوات الخمس الماضية بنسب قاربت 50%، وزيادة بنسبة 20% للمتقاعدين، إلا أن الموظفين ما زالوا يشكون من تدني الرواتب.
ويقول إبراهيم ولد محجوب، الذي يعمل موظفاً في وزارة الصحة، إن راتبه لا يكفي لتغطية مصاريف الحياة البسيطة لمدة نصف الشهر، فيضطر إلى الاستدانة وجدولة ديونه السابقة، إلى أن يحين موعد تسلم نصيبه من إيجار عقارات من ميراث أبيه.
ويضيف محجوب لـ "العربي الجديد"، أن زيادة الأسعار وغلاء المعيشة هي السبب الرئيسي في الإقبال على الاقتراض، "لا سيما أن محدودي الدخل لا يجدون حلا، إلا بالاستدانة والوقوع في فخ القروض".
ويحذر الخبير الاقتصادي، محمد محمود ولد محمد الأمين، في تصريح لـ "العربي الجديد" من انتشار ثقافة الاستدانة التي تجاوزت سد الحاجات الأساسية للأفراد، لتصل إلى الحصول على الكماليات.
ويؤكد أن غالبية الموريتانيين يلجأون إلى تيسير أمورهم وإيفاء متطلباتهم عن طريق الاستدانة من الأشخاص أو الاقتراض من المصارف، ويجدون صعوبة في تسديد ديونهم بسبب نسب الفائدة المرتفعة التي تتجاوز أحيانا 15%.
ويشير إلى "ضرورة قيام الدولة بمعالجة آفة الاقتراض، وتشجيع الادخار وزيادة رواتب محدودي الدخل، وتعميم صناديق الادخار التي تؤمن للموظف الاقتراض دون فائدة".
ولم تقتصر عمليات الإقراض على المصارف والشركات المتخصصة في هذا المجال، وإنما انتشرت مؤخرا مهنة "الإقراض بالفائدة"، التي أصبح يمتهنها أغلب التجار، لتتحول إلى ظاهرة يطلق عليها الموريتانيون "شبيكو"، بعد انتشارها بشكل واسع خلال السنتين الأخيرتين.