أضحكني اليوم، ملء شدقي، ما ورد في تقرير أعدته فوكس نيوز عن الإرهاب في موريتانيا..
لم يثر سخريتي ما قالته المحللة “المحرمة” فريان خان عن إرهابية ولد الطائع، فقد يكون لذلك وجه، بمعنى آخر، فالرجل حكم موريتانيا عشرين عاما، أرهب فيها العباد و أرعب البلاد، و أحكم قبضته الحديدية على مجرى النفس من كل مواطن، يحلم بالخبز و الكرامة.. أعمل سيفه الصمصامة الذكر في رقاب أخوتنا الزنوج، فأذاقهم صاب الحياة و أوصابها.
كان إرهابيا فعلا، و إن لم يكن إرهابه مرفوضا لدى دوائر القرار العالمي.
و لم تستفزتي المعلومات المتضاربة والتهافت الجلي في التقرير الحقير، الذي بانت فيه نواجذ قناة المحافظين الجدد، وهي تلوك أعراض الشرفاء. و إنما استوقفني ما ورد في التقرير عن إرهاب قرية “معط مولان” العظيمة، والتي أعرفها كما يعرف الراعي ما في وطابه.
تذكرت ما أعرفه عن سماحة دين أهلها ويسره، و إخلاصهم العبودية لله.. وتذكرت ما أعرفه عنهم من تحل بالفضائل و تخل عن الرذائل، و تعلقهم بما يقرب إلى الله من الوسائل.
معط مولان، هي قرية إسسها رجال كمّل، عبدوا الله كأنهم يرونه.. و تقربوا إليه بالنوافل، حتى أحبهم، ، درجوا مدارج السالكين، و رأوا مجاز الحياة سرابا، يحسبه المحجوبون ماءً.. ألهاهم السعي في نيل الكمال عن النبث في نقائص غيرهم، و شغلتهم الباقية عن الفانية.. و وجدوا في رياض الذكر و الفكر مرعى مريئاً، و كلأ هنيئا.
إنها مدرسة محمد المشري، المتخصصة في إصلاح “خويصات النفوس” في زمن اتباع الهوى، و طاعة الشح، و أعجاب كل ذي رأي برأيه.. فهل تُزنُّ بإرهاب؟!
لقد خفي على فريان، التي لم تحكم فريتها، أن بياض التصوف وصفاءه قليل الحمل لدنس الإرهاب.. و أن مذهب أهل الله، الساعين في إصلاح أحوالهم، و الاحتياط لمئالهم، لا يلتقي بمذاهب القتلة و ناشري الرعب، إلا أن يلتقي الثريا بسهيل.
، إذا كانت المساواة بين الناس، وبث روح التسامح والتصافي، ونشر قيم العدالة و الإنسانية و بسط مُثلها العليا، و استجابة المسلمين من أفناء الشعوب و نوازع القبائل لدعوة الإيمان و إخلاص العبودية لله، هي الإرهاب، يا فريان، فمعط مولان هي معقل الإرهاب..؟
لو أنك رأيت شيخ القرية الحاج ولد المشري، يغدو و يروح فيما يلم شمل الإنسانية، على كلمة سواء.. متجشما في ذلك الأهوال، وهو يحمل في برديه جسما لو توكأ عليه لانهدم، لرأيت أهدافا أسمى من أن تقتل نفسا، غير النفس الأمارة بالسوء.. و لأخترقت غشاوة عينيك أنوار قلوب بيضاء باشرتها بشاشة الإيمان.
لقد جفت الكلمات على شفاهي أيتها المفترية فريان.. ولكن كل ما يمكنني أن أقوله هو : أنها فعلا معط مولان..!