تَشترِط “هيئة الترفيه” السعوديّة، والتي حلّت فيما يبدو بديلاً “شرعيّاً” عن هيئة “الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر” الدينيّة، والتي أعلنت عن حفل للفنان المصري تامر حسني نهاية الشهر الجاري، على السعوديين، ممّن سيحضرون حفل الفنان المذكور، 8 شروط، كان من أبرزها “عدم التمايل والرقص”، وهو ما أثار جدلاً واسِعاً بين أهل بلاد الحرمين، ليأتي تماشياً مع الرؤية 2030، وفق ضوابط شرعيّة، مُفصّلة حسب المقاس، وفق توصيف النشطاء.
هو إذاً أول حفل غنائي مُختلط على أرض الحرمين، وبلاد الشريعة الإسلاميّة، والتي كانت تقول ضوابط شريعة مُجددها أن الاستماع للأغاني حرام، والموسيقى حرام، ليتمكّن جيل الشباب اليوم، وبعد عُقود من الحرمان المبني على أُسس التطرف والإرهاب، والمُتّهمة به أساساً حُكومة المملكة، للعيش على أُسس ليبراليّة انفتاحيّة، طالما كانت حلمهم، وبدعم أو بشرعية ولي عهدهم “الانفتاحي” الأمير الشاب محمد سلمان.
المجتمع الديني، أو التيّار الإسلامي الذي عوّل عليه كثيرون في الدِّفاع عن ضِوابط البلاد الإسلاميّة المعروفة بالتزامها المُفرط بالدين والتدين، يبدو أنه فقد السيطرة تماماً، فبعد أن كانت فرق “المُحتسبين” وهي مجموعة من عامّة الشعب، تستطيع منع إقامة معرض الكتاب، والتحكّم بحُريّة العِباد، من باب حق أي مُواطن والنهي عن المُنكر، ها هي المُؤسّسة الدينيّة، ورجالاتها، تُبرّر هُنا، وتُحلّل هناك، وتبارك في المُحصّلة النهائيّة نِتاج خُطط الترفيه، بدليل تواصل الفعاليات الترفيهيّة، وبِشكل مُتصاعد مُتصاعدة، كان أكثرها جُرأة استضافة أول أسبوع موضة عربي.
السعوديون يرغبون بالانفتاح يقول الصحافي السعودي أحمد التميمي لرأي اليوم دون أدنى شك، وكل ما يُقال عن تديّنهم الداخلي، وتعلّقهم الروحاني، وتمسّكهم بالشريعة، ليست إلا أوهاماً، ومُجرّد خوف من العِقاب الدنيوي الذي كانت تفرضه السلطات، ويُؤكّد التميمي أن مقطع الفيديو المُتداول الذي أظهر أبناء بلاده، وهم ينتظرون ثم يتسابقون لشراء التذاكر أمام بوابة متجر “فيرجن ميجا ستور”، وعلى إحدى أغاني المطرب الشهيرة، لهو أكبر دليل على ما يقول، فلا صدمة دينيّة يُضيف، ولا يحزنون.
وبالإضافة إلى شرط عدم التمايل والرقص، اشترطت هيئة الترفيه على الحاضرين لحفل حسني، عدم دخول الأطفال أقل من 12، وحصر التذاكر بكل عميل بثلاثة تذاكر فقط، كما فصلت المُدرّج إلى قسم رجال وقسم نساء، ومنعت التدخين، وألزمت بالزي المُحتشم، ومنعت الأكل والشرب داخل المُدرّج.
ونفذت تذاكر الحفل المُختلط المُقام في مُحافظة جدّة مدينة الملك عبدالله الاقتصاديّة، كما أشار حساب تامر حسني الرسمي على “انستغرام” بعد طرحها بساعتين فقط، وقبل ميعاد الحفل ب28 يوم، وهو ما اعتبره الفنان شرف كبير جدّاً له، مُوجّهاً شُكره للشعب السعودي الكريم، لكن نُشطاء علّلوا سبب نفاذ التذاكر بهذه السرعة، إلى أن الشعب السعودي عنده من الجفاف الانفتاحي، ما سيدفعه لكل هذا النهم تُجاه مثل تلك الحفلات، والتي تُعتبر أمراً روتينيّاً اعتياديّاً في باقي دول العالم.
وتفاعل روّاد موقع التدوين المُصغّر “تويتر”، مع الحفل، ودشّنوا وسم هاشتاق “تامر حسني في السعوديّة”، حيث حذّر البعض من غضب الله وتلاشي نعمه جرّاء الفسق والفُجور، بينما ذهب البعض الآخر إلى التعبير عن فرحتهم وسعادتهم بهذا الحفل، فسلوى المطيري مثلاً عبّرت عن سعادتها للقُيا تامر على أرض بلادها وأخيراً.
وسَخِر نُشطاء عرب، ومُغرّدون من اشْتراط الهيئة (الترفيه)، عدم التمايل والرقص في الحفل، فهو ليس إلا حفلاً راقِصاً، وعلّق حساب “شرطة المشاهير” اللبناني الشهير على الشرط قائلاً: “من شروط حفل تامر حسني في السعودية، ممنوع الرقص والتمايل، معقول، شو بيعملوا العالم وهن بيغنوا، بصلوا ركعتين لروح أغانيه الخالدة، وفرضاً وحدة تحمّست، وتمايلت شو بتعملو فيها،… عيش كتير، بتشوف كتير”.