يشكل نقص مياه الشرب في موريتانيا أزمة مستشرية بين كافة سكان الدولة، كما أنها من أصعب المشاكل التي واجهت الأنظمة التي تعاقبت على الحكم في البلاد ولا تزال تطرح عائقا أمام النظام الحالي حيث تعلو وتزداد مطالب سكان المدن القرى والأرياف بتوفير المياه الصالحة للشرب.
يرى الشيخ ولد عابدين أن أسباب أزمة المياه في موريتانيا ترجع لكون بعض المناطق تفتقد إلى مياه جوفية وتعتمد على مياه الأمطار التي أصبحت تتهاطل بشكل قليل سنويا عما كانت عليه في السابق، مما جعل حاجة السكان للمياه أكثر من المتوفر".
وقال ولد عابدين في تصريح لموقع مصر العربية إن جذور أزمة المياه بموريتانيا تعود لطبيعة المناخ وفقدان البلد للأودية والأنهار التي تجري فيها المياه وتمثل مصدرا من مصادرها".
واعتبر ولد عابدين مكونتان الصخور لا تستطيع احتواء المياه لكونها تصاب أحيانا بتشققات أو انكسارات مما يجعلها قادرة على احتواء كميات من المياه".
العطش في العاصمة
تعيش أغلب أحياء العاصمة نواكشوط على وقع أزمة عطش تزادا حدتها كلما اقترب فصل الصيف، وهي الأزمة التي حاليا في تمدد حيث ازداد الطلب على الماء وارتفع سعر البراميل والصهاريج لدى باعة المياه في كافة مقاطعات العاصمة التسعة.
وفي وسط حي "تفرغ زينه" الذي يسكنه أغنياء العاصمة شكا العديد من ملاك الصهاريج من الضغط على طلب على الماء، معتبرين في تصريحات لموقع مصر العربية أن الموجود من مياه الشرب لا يمكن استيعاب ما يحتاجه سكان الحي".
وطالب عدد من سكان مقاطعة "توجنين" بالعاصمة السلطات بتوفير مياه الشرب، كما أبدوا انزعاجهم من أرتفاع سعر المياه مع بداية فصل الصيف الذي يشهد نقصا حاد في كميات المياه التي تحتاجها المقاطعة".
سكان الداخل يستنجدون
تشهد أغلب ولايات موريتانيا موجهات عطش مختلفة حيث يعيش (تكانت، والحوضين، ولعصابة، وكوركل، وتيرس الزمور، وإاينشيري، واترارزه، وآدرار)، جحيم عطش متسمر تعلو حدته كلما اقترب فصل الصيف واشتد الحر في صحاري موريتانيا المترامية الأطراف".
ويؤكد سيدي محمد ولد الشيخ أحد قاطني مدينة النعمة إن سكان المناطق الشرقية من موريتانيا أكثر تعرضا للتضرر من أزمة العطش، مسندا ذلك إلى كثرة الثروة الحيوانية في المنطقة وانعدام مياه الأنهار والمجاري ونقص خزانات المياه التي توفرها الحكومة لسكان المنطقة البعيدة من مركز صنع القرار في العاصمة نواكشوط".
وأضاف ولد الشيخ في اتصال هاتفي مع "مصر العربية" إن النقص الحاد في مياه الشرب في المنطقة سببه الأول نقص خزانات المياه وتراجع الحكومة عن حفر عشرات الآبار الارتوازية التي يعتمد عليها غالبية سكان الداخل، مطالبا بتحرك رسمي لإنقاذ حياة آلاف البشر، وتنمية أكبر ثورة حيوانية في موريتانيا تحتضنها ولايات الحوضين ولعصابة".
إحصائيات تتحدث
كشفت دراسة بريطانية تم نشرها مؤخرا أن موريتانيا هي الأكثر هشاشة في مجال المياه في العالم"، وهو ما ظهر جليا في أزمات العطش المستمرة التي تعاني منها مختلف مناطق الدولة، حيث لم تستط الحلول الرسمية أن توفق في احتواء هذه الأزمة المستفحلة.
وتؤكد الدراسة أن مصادر موريتانيا من الماء هي الأقل استقرارا في العالم، حيث جاءت موريتانيا ضمن الدول الأقل استقرارا إلى جانب السودان والصومال، واعتبرت الدراسة أن 30% فقط من سكان موريتانيا يحصلون على المياه الصالحة للشرب.