كان سقوط بغداد المعاصر، واستشهاد رمزها صدام حسين، نتيجة حتمية لضعف الوعي وتخاذل المواقف إتجاه القضايا المصيرية للأمة العربية المجيدة. وحدهم السذج من بيننا من كانوا يعتقدون فرادة هذه النتيجة ومحدودية تداعياتها.
بيد أن التجربة أكدت أن تدمير العراق كان بمثابة كسر الحلقة الأقوى في سبيل تدمير الأمة العربية وأنه بمثابة العلامة البارزة في دالة السقوط عبر الهاوية السحيقة التي أراد الأعداء الأثمون أن تكون قبرا جهنميا الأمتنا.
ومثلما سقطت بغداد توالت الكوارث بسقوط سوريا و أخيرا امتدت السنة اللهب إلي مهد العرب ومصدر إشعاعهم الحضاري، حصنهم المنيع عبر التاريخ ومكان مقدساتهم، إلي الجزيرة العربية هذه المرة،
لم تكد بغداد تسقط حتى رفع الفرس والأتراك الرأس الأمر طالما خامرهم وراودتهم أحلامهم القديمة في السيطرة علي الأمة العربية وإخضاعها من جديد مستقلين الطائفية البغيضة السنة /الشيعة . إن بروز هذا الصراع الفارسي التركي (إذا أرنا التلطيف علي قيادة العرب) ينطلق من نفس الدوافع ويخفي نفس الأطماع متبعا الأساليب ذاتها والخطاب عينه، وبالضرورة فلن يؤدي إلا إلي نفس النتيجة إخضاع العرب وقهرهم التاريخي المضاعف.
بعد إن إنفجى دخان الفوضى العارمة التي كانت بعض تيارات عاصفة سقوط بغداد، تلك الفوضي التي أصطلح علي تسمتها الربيع العربي وأسفرت عن نتائجها البالغة التدمير والبشاعة استفاق العرب!
وفي مقدمة الدول العربية المستفيقة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، جاءت هذه الإستفاقة بعد أن أصبح العرب كل العرب يمينا ويسارا مشرقا ومغربا بين فكي الكماشة التي تستطيع أي قوة معادية المسك بها لتأتي علي كل عناصر الحيوية في الأمة وتقتل كل بذور الأمل فيها.
ثم انفجرت في مصر ثورة 30 مليون في الثلاثين من يونيو بقيادة عبد الفتاح السيسي مشكلة محطة بارزة في هذا المسار.
هذه التحولات جاءت مبشرة بميلاد حلف عربي من أجل ردع الأطماع ووقف حالة التدهور والتردي في الواقع العربي . لحظة الفعل الحاسم جاءت مع انطلاق عاصفة الحزم كمعركة بمستوي الحياة أو الموت بالنسبة للعرب.إننا إذ نقف بقوة وراء هذه المبادرة لننبه إلي أن هناك مبادرات شبيهة كان الأحرى بها أن تتخذ في سوريا وليبيا مثلا.
تداعى القادة العرب إلى تحمل المسؤولية ورفع التحدي التاريخي في مؤتمر شرم الشيخ الأخير والذي أرتبط إسمه في سابقة من نوعها قمة تاريخية ينتظرها قرار تاريخي بشأن مصير الأمة العربية، وهنا لن نفوت الفرصة لنحي موقف رئيس الجمهورية الذي أكد انسجام بلادنا مع الموقف العربي وانصياعها للإرادة العربية في العيش الكريم. وهذا ما يمثل حقيقة موقف الشعب الموريتاني.
الجزائر باعتبار إرثها التاريخي كوريث شرعي لثورة المليون شهيد لا يمكن أن تبقي بمعزل عن الجهود المبذولة حاليا بشأن وقف حالة التردي العربي.
إننا في الغربية للوطن العربي نقف بكل حزم وراء ما أتخذ في القمة من قرارات تصب في بوتقة مصلحة الأمة الربية ونسجل علي الخصوص دعمنا لعاصفة الحزم، كما ندع الشعب العربي بكل قواه الحية إلي الوقوف صفا واحدا وراء هذه القرارات أملين أن يكون كل ذلك بداية وعي حقيقي ونبذا لكل أشكال الوعي الزائف في سبيل الصعود لنيل حقها في الحياة الكريمة و إن كل ذلك بات يتطلب إجراءات لم تعد تحتمل التأخير أو التردد:
أولا: مراجعة شاملة إلي الانفتاح علي القوى القومية بكل أشكالها ومشاربها باعتبارها شريكا إستراتيجيا وفاعلا في هذه العملية.
ثانيا: إن نواة الجيش العربي المشترك لم تعد مسألة مطروحة للرفض أو القبول، بل هي ضرورة ملحة يجب الشروع في تنفيذها وفتح أبواب التطوع أمام الراغبين في الانضمام إليه من أبناء الأمة.
ثالثا: إن ضمان كل هذا ومحك جديته يتمثل في تشكيل وحدة عربية سياسيا واقتصادية ونقدية وبسرعة تتناسب و مستوى التحديات التي تواجه الأمة.
جماعة الرأي السياسي