ما السبب في عدم ترحيب أحزاب المعارضة (المنتدى والتكتل) حتى الآن باختيار محمد فال ولد بلال رئيسا للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات؟ خاصة وأن الرجل قضى فترة انتجاع في المنتدى أمينا تنفيذيا له في السابق.
ولماذا تزامن اختياره في نظر البعض بالتصريحات المثيرة للناطق الرسمي باسم الحكومة حول بقاء ولد عبد العزيز رئيسا للبلاد وهو ما ستثبته الأحداث والأيام المقبلة كما قال الوزير ولد الشيخ؟
وإذا كانت كل أطياف المعارضة تتأهب بقوة للمشاركة في هذه الانتخابات فكيف تتجاهل سلبيا حتى الآن تعيين ولد بلال على رأس لجنة الحكماء وهي التي صبت على طريقة تشكيلها كل أنواع النقد والتنديد ؟ حتى إذا جاء رجل من أقصى المدينة يسعى لرئاستها لاذت بعدم اهتمام كبير بالموضوع رغم أن صديق الأمس العابر ليس عديم الحكمة والوعي السياسي والتجربة الشخصية بلا حدود للأنظمة ومراحل الحكم المختلفة في البلاد؛ أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟!
بعد جريان مياه كثيرة تحت الجسر في الأيام الماضية فرضت إعداد طبخة جديدة على نار "هادئة" قبل تداعيات نتائج الاقتراع الأكبر يوم الفاتح سبتمبر العظيم. لكن السؤال المطروح هل سيسهل هضم هذه الطبخة على كل الفرقاء بدون روائح شواء كثيرة بقارعة الشارع السياسي؟ بعد طبعة ولد ارزيزيم ذات يوم مشهود وهو القادم من صفوف المعارضة بجينات وراثية من صميم الموالاة ما لبث صاحبها أن غرد خارج السرب حتى أديس أبابا.
كل رؤساء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في موريتانيا الذين أشرفوا على استحقاقات فعلية هم "سفراء ووزراء سابقون" بدون استثناء والثلاثة بولد بلال الآن عملوا تحديدا إما سفراء أو وزراء في عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع؟ فما هي عقدة هذا اللغز الدبلوماسي في عهد ولد الطايع الذي يطارد تنظيم كل انتخابات هامة في موريتانيا حتى أصبح هذا اللغز دائرة مغلقة لا يمكن الخروج منها في كل مرحلة من المراحل، لا بد من رجال ولد الطايع وولد الطايع فقط! لقراءة ومراقبة الطالع الجديد في كل موسم سياسي متعاقب!
هل هي "اقظوفية" ولد الطايع؟ لا بديل عنها بعد الانقلاب عليه سنين عددا، خاصة إذا عرفنا أن ولد بلال أدى اليمين الدستورية اليوم أمام الوزير الأول الأسبق في عهد ولد الطايع الذي يرأس المجلس الدستوري حاليا، أم أن تلك الشخصيات الوطنية من وزراء وسفراء ولد الطايع هم وحدهم رجال المهمات الصعبة وغيرهم ممن يطبلون ويزمرون للنظام الحالي المنقلب على (معاوية الخير) لا يعول عليهم أبدا خاصة يوم الخندمة وإشكالية (الرئيس ماشي ما هو ماشي كاحز ما هو كاحز) في فترة حاسمة حبلى بالتطورات وربما المفاجآت على أكثر من صعيد!
وحدهم أصدقاء ولد بلال اليساريين من الكادحين فهموا مغزى الرسالة الموجهة للمعارضة الموريتانية من وراء اختيار رفيقهم الآن "حكيم الحكماء" فالدكتور محمد ولد مولود الرئيس الدوري للمنتدى وزعيم اتحاد قوى التقدم رفض التعليق على اختيار (فالي) على رأس اللجنة!
أما الرفيق لوغرمو فصرح علنا لإذاعة فرنسا الدولية أمس بأن اختيار ولد بلال رئيسا للجنة المستقلة للانتخابات بموريتانيا لا يعني شيئا ولا يضيف شيئا على حد تعبيره، وبين صمت ونطق الرفاق مساحة كافية لاستيعاب واستشراف ما يدور وراء الكواليس!
أما جبهة الأغلبية التي يعود لها الفضل مشكورة في "اختيار" رجل ذكي ولطيف ومخضرم ومفتوح عليه في (سيني) والجانبة البيظة والجانبة الكحلة! فلم تعلق من طرفها ولم تنبس ببنت شفة على صاحب الحل والعقد الجديد، ربما لأنها في أزوان تعزف كثيرا الآن على أوتار "المنفكعة"؛ وربما لانشغالها بهموم كثيرة وصعيبة أخرى في الميدان!!
وربما لأنها آخر من يعلم ربما!