هناك مغالطة كبيرة وقع ضحيتها الكثير من الموريتانيين، ووقع ضحيتها نواب.. تتلخص هذه المغالطة في أن الدولة كانت تمنح لولد بايه 48% من غرامات الصيد البحري ، ولذا تجد البعض يقول بأن الخطأ كان خطأ الدولة التي منحت تلك النسبة الكبيرة، ولم يكن خطأ ولد بايه الذي كان يأخذ نسبة منحها له القانون..في هذا القول مغالطة كبيرة، وقد كتبت في العام 2014 مقالا لكشف أكذوبة نسبة 48%، وذلك بعد أن أثارت تلك النسبة جدلا كبيرا عندما نشر أحد المدونين المتضامنين مع حراس ازويرات ولأول مرة مقطع الفيديو الذي يقول فيه ولد بايه "متليت آن ومتلات موريتان".
إن نسبة 48% التي تحدث عنها ولد بايه في الفيديو كانت مخصصة لإدارة الرقابة البحرية بكاملها، ولم تكن مخصصة لشخصه الكريم، ولقد كان من المفترض أن يتم توزيع نسبة 48% على النحو التالي:
10% لتطوير الصيد وللرقابة البحرية
20% خاصة بصندوق لمحاربة الاحتيال والصيد غير الشرعي
18% حافز ومكافآت لعمال الرقابة البحرية، وهنا تختلف المكافأة بين من قام بالتوقيف الفعلي وبمن ساعده على ذلك.
هذه النسبة الأخيرة (18%) هي التي كان يجوز من الناحية القانونية لولد بايه أن يتقاسمها مع بقية العمال في الرقابة البحرية. وهنا لابد من تقديم بعض التفاصيل المتعلقة بهذه النسبة الأخيرة.
1 ـ هذه النسبة لم تكن تصل إلا ل14% في الفترة التي كان يقود فيها ولد بايه الرقابة البحرية باستثناء السنة الأخيرة التي تم فيها رفع هذه النسبة لتصل إلى 18%.وذلك بمرسوم قانون وقعه ولد محمد لغظف في 9 فبراير 2009 ليحل محل القانون السابق الذي كان يحدد النسبة ب14% والذي كان قد وقعه الشيخ العافية بتاريخ 22 ابريل 1996.
2 ـ لقد تم إلغاء هذه النسبة بعد مغادرة ولد بايه للرقابة البحرية، وكأنها كانت خاصة بشخصه الكريم، أو كأن من جاء بعده لا يخاف عليه من رشوة رجال الأعمال، ولا يحتاج بالتالي إلى تحفيز مادي، ولقد أصبحت النسب بعد المرسوم الذي وقعه ولد محمد لغظف بتاريخ 3 ديسمبر 2011 تتوزع على النحو التالي:
55% لخزينة الدولة
30% لتعزيز إمكانيات وقدرات الرقابة البحرية
15% لوزارة الصيد
تلكم كانت بعض التفاصيل المهمة جدا، والآن لنعد إلى الفيديو الذي تحدث فيه ولد بايه والذي قال فيه وبصريح العبارة بأنه كان يأخذ نسبة 48% ، وهو ما يعني بأن ولد بايه ظل يستولي على نسبة 30% ليست من حقه، هذا إذا ما افترضنا بأن نسبة 18 % المخصصة كحوافز ومكافآت لكل عمال الرقابة البحرية هي حق شرعي خاص بولد بايه دون غيره من عمال الرقابة البحرية.
لا شك أن نسبة 18% هي نسبة مجحفة بالشعب الموريتاني، ولا شك أيضا بأن هناك إدارات أخرى يأخذ كبار موظفيها نسبا من الإيرادات تقترب من هذه النسبة، لا شك في كل ذلك، ولكن مشكلتنا مع ولد بايه بأنه لم يكتف فقط بهذه النسبة، أي نسبة 18% ، بل إنه أضاف إليها نسبا أخرى ليوصلها إلى 48%، أي نصف إيرادات الرقابة البحرية تقريبا.
وهنا قد يقول قائل بأن ولد بايه كان يقصد في الفيديو 18%، ولكن زلة لسان هي التي جعلته يتحدث عن 48%. إن من يقول بهذا القول يدين ولد بايه أكثر منا. فلنفترض أن ولد بايه كان يقصد فعلا 18% المخصصة كمكافآت وحوافز للعمال، وبأن 18% كانت تمكنه من أن يحصل سنويا على 3 إلى 4 مليارات أوقية، فهو في هذه الحالة مطالب بأن يثبت بالوثائق بأنه كان يدفع سنويا ولأربع سنوات متتالية 22 مليار أوقية كل سنة لخزينة الدولة، وبالتأكيد فإن ولد بايه لا يمكنه أن يقدم تلك الوثائق، وذلك لأنه لا يمتلكها أصلا.
لقد ظل ولد بايه ولمدة أربع سنوات يتقاضى في كل يوم تطلع شمسه 11 مليون أوقية، أي 460 ألف أوقية عن كل ساعة، هذا هو ما تعنيه 4 مليارات كل سنة. إن ما كان يحصل عليه ولد بايه سنويا من وظيفة واحدة من وظائفه العديدة، بشهادته هو لا بشهادة غيره هو ضعف ميزانية الوزارة الأولى في العام 2014، وهو يساوي مجموع ميزانيات المؤسسات التالية : الجمعية الوطنية + مجلس الشيوخ + المجلس الإسلامي الأعلى + المجلس الدستوري + محكمة الحسابات.
إن ما كان يأخذه ولد بايه من إحدى وظائفه العديدة (الرقابة البحرية) يفوق بكثير ما أنفقته الحكومة الموريتانية في العام 2014 على الوزارة المعنية بالتشغيل والتكوين المهني في موريتانيا، وليسمعني عشرات الآلاف من المعطلين عن العمل.
وللتوضيح أكثر فإن ما كان يحصل عليه ولد بايه سنويا يساوي ميزانية الوزارة المعنية بالعمال في موريتانيا (وزارة الوظيفة العمومية والعمل وعصرنة الإدارة) لعشر سنوات كاملة، وليسمعني عشرات الآلاف من العمال.
لقد غيروا العلم والنشيد وهم يخططون الآن للتمديد والبقاء في السلطة، وسيكون تصويتكم ضد ولد بايه وحرمانه من الوصول إلى البرلمان هو أقوى ضربة توجهونها لمشروع التمديد والبقاء في السلطة.
محمد الامين الفاظل