لم يتوقف المشاهدون وجمهور شبكة الجزيرة المنتشر فى أنحاء العالم عن السؤال عنى ،وعن سبب غيابى عن الظهور على شاشة الجزيرة وتوقفى عن تقديم برامجى التليفزيونية "بلاحدود "و "شاهد على العصر " منذ بداية الأزمة الخليجية وتعرض قطر للحصار الجائر من دول الحصار الأربع فى بداية شهر يونيو من العام الماضى 2017 وحتى الآن.
وهذه نعمة كبيرة من نعم الله عليا أن أجد فى قلوب الناس هذا الحب الكبير ، وهذا الإهتمام الواسع ، وهذه المودة العظيمة ،وهذه المكانة التى أسأل الله أن أكون أهلا لها ، ولأن من حق الناس الذين غمرونى بحبهم ومودتهم أن يعرفوا السبب فإنى أود أن أطمئن الجميع أنى لازلت فى مكانى وموقعى فى شبكة الجزيرة ،لأن الجزيرة هى بيتى وعملى التليفزيونى الأول والأخير ،ويكفينى شرفا أنى أول من أنتجت الجزيرة من مقدمى البرامج ،فأنا ابن الجزيرة الذى ولد على شاشتها ،لم أظهر على شاشة تليفزيونية قبلها ،ولن أظهر على شاشة تليفزيونية بعدها ،كما سبق وقلت مرارا من قبل ،غير أنى متفرغ فى هذه المرحلة لإنجاز بعض الأعمال المهنية التى لا تقل أهمية عن برامجى التليفزيونية بل أعتبرها أهم،والتى أتمنى أن تكون فائدتها كبيرة للناس ،ومنفعتها عامة للأجيال القادمة وللعاملين فى مجال التليفزيون والإعلام بشكل خاص ولجمهور المشاهدين بشكل عام ، حيث أعتبرها أهم وأفضل من ظهورى على الشاشة فى هذه المرحلة ،فالشاشة لم تكن بالنسبة لى غاية على الإطلاق ،وإنما كانت دائما وسيلة لخدمة الناس وزيادة مساحة الوعى لديهم عملت قبلها فى الصحافة المكتوبة خمسة عشر عاما محررا ومراسلا حربيا ومديرا للتحرير ،كما أن قيمة الإنسان ليست فى ظهوره على الشاشة أو غيابه عنها وإنما قيمته دائما بقدر ما يقدمه من نفع للناس فى الحياة، وما يتركه من علم ومعرفة وأثر فى النفوس ، وأسأل الله أن أكون دائما من هؤلاء الذين يقدمون للناس ما ينفعهم ويرتقى بهم ويزيد مساحة الوعى لديهم .
ولأن شبكة الجزيرة أصبحت مدرسة بل أكاديمية إعلاميةعالمية متميزة، غيرت مفهوم الإعلام ودوره وأداءه فى العالم العربى ،وتركت بصمة مميزة فى الإعلام العالمى ،فإنى عاكف منذ انقطاعى عن الظهور على الشاشة لوضع مناهج إعلامية تدريبية تطبيقية ،ستكون -بإذن الله -متفردة ومتميزة على ما سواها وغير مسبوقة من حيث المحتوى العلمى والتطبيق العملى ،بها خلاصة أكثر من ألف ومائتى ساعة قضيتها متدربا ومتتلمذا على أيدى خبراء عالميين من مدرسة BBC التليفزيونية العالمية ،ومدرسة التليفزيون الأمريكى الواسعة المتميزة ،علاوة على سنوات خبرتى الطويلة مع شبكة الجزيرة طيلة اثنين وعشرين عاما ، أنتجت وقدمت خلالها ما يقرب من ألفين وخمسمائة ساعة تليفزيونية حوارية عبر برامجى "بلاحدود "وشاهد على العصر " وقبلهما "الشريعة والحياة " وإضافة لذلك خلاصة عشرات الدورات التدريبية التى قدمتها فى معهد الجزيرة للإعلام طيلة خمسة عشر عاما ،دربت خلالها المئات من مقدمى البرامج والراغبين فى العمل التليفزيونى من أنحاء العالم العربى كثير منهم -بفضل الله - زملاء أعزاء يظهرون مقدمين على شاشات الفضائيات ، علاوة على تغطيتى لأربع حروب ،وتأليفى لخمسة وعشرين كتابا ،خلاصة كل هذا أعكف عليه لوضع عدة مناهج تطبيقية متكاملة فى "التقديم التليفزيونى وتكنيك الحوار التليفزيونى المحترف " على مستووين هما المستوى المتوسط وللزملاء المحترفين و منهج "التخطيط الإستراتيجى وإعداد البرامج التليفزيونية الحوارية " لمنتجي البرامج الحوارية التليفزيونية و منهج "مهارات رصد وتحليل الأخبار وتقدير الموقف الإستراتيجى لصناع القرار " لمن يعملون فى الإعلام أو وكالات الأنباء أو المؤسسات البحثية أو وزارات الخارجية وجهات الرصد والتحليل وعموم الناس الذين يرغبون فى فهم ما وراء الأخبار "و منهج "مهارات التعامل مع وسائل الإعلام لصناع القرار والسياسيين والمسؤولين" . وهى دورات ومناهج تدريب عملية أقوم بتقديمها وتدريسها والتدريب عليها بالفعل فى "معهد الجزيرة للإعلام " وأسعد بتخريج دفعة شهريا على الأقل من المتدربين.
لاشك أنه عمل شاق ومجهد ومضن وجديد لكنه ممتع ومليء بالتحديات والصعاب والجهد والبذل والتضحية والإبداع والإستمتاع وهذا ما أبحث عنه دائما فى الحياة ، وآمل أن أنتهى قريبا من بعض ما أنا مستغرق فيه من عمل ،سائلا الله أن يكتب لى التوفيق والسداد فيه والنفع لأجيال الإعلاميين وجمهور المشاهدين العرب فى أنحاء العالم ،وأتمنى أن أبشركم بأول الغيث قريبا إن شاء الله من خلال طرح أول المناهج للتسويق عبر الإنترنت من خلال "معهد الجزيرة للإعلام والتدريب " و ستكون متاحة للتدريب التطبيقى للإعلاميين وحتى للمعرفة والفهم لجميع المشاهدين وجمهور شبكة الجزيرة فى أنحاء العالم ورسالتنا هى "من لم يستطع المجيء للدوحة فنحن نذهب إليه " من خلال "معهد الجزيرة للإعلام والتدريب "الذى نأمل أن يصبح صرحا علميا رائدا ،وأكاديمية كبيرة ،ومنارة إعلامية عالمية مميزة لدولة قطر وشبكة الجزيرة .. آمل أن أكون قد جاوبت على أسئلة ملايين المتابعين والمشاهدين الذين لا يكفون عن السؤال عنى وعن سر غيابى عن الشاشة وعن تقديم برامجى "بلاحدود "و"شاهد على العصر "،وأن يطمئنوا ويدركوا أنى خادمهم وأعمل من أجل زيادة مساحة الوعى لديهم سواء كنت على الشاشة ،أو من وراء الكواليس ،ولا يحرمونى من دعواتهم مع خالص الحب والمودة والتقدير للجميع.