(المصدر: الرياض - هدى الصالح للعربية نت) ساهم إرسال الولايات المتحدة الأميركية حاملة الطائرات أبرهام لينكولن والقاذفات الاستراتيجية من طراز بي 52 ومنظومات الدفاع الجوي الصاروخي باتريوت، في تصاعد نذر الحرب والتهديد من قبل الولايات المتحدة الأميركية للنظام الإيراني، وذلك بعد تلقي واشنطن تقارير استخباراتية ومؤشرات عن رفع الجاهزية الإيرانية، لشن عمليات هجومية ضد القوات الأميركية ومصالحها في منطقة الخليج.
هذا التحرك كان كفيلاً بأن يثير قلق أذرع جماعات الإسلام السياسي المسلحة في المنطقة، التي لطالما اعتبرت إيران عمقها الاستراتيجي وخط العبور والإمداد والإيواء والتمويل للتنظيمات المتطرفة، كالقاعدة، وداعش، وجماعة الجهاد المصرية والجماعة الليبية المقاتلة، وأنصار الإسلام، بزعامة العراقي - الكردي "الملا كريكار"، وإلى جانبهم حركة "حماس" وطالبان، وجماعة الإخوان المسلمين وغيرهم.
"ابتزاز"
وبينما تجنبت كافة التنظيمات الراديكالية المسلحة تنفيذ عملياتها على الأراضي الإيرانية لأكثر من عقدين، تخرج اليوم للدفاع عن مصالحها وشريان تواجدها المادي والإيديولوجي المتمثل بـ" النظام الإيراني الخميني"، تحت مظلة الخوف على المصالح الخليجية ومقدرات "الشعوب".
محفوظ ولد الوالد المعروف بـ"أبي حفص الموريتاني" مفتي تنظيم القاعدة المستقيل ومفاوضه الرسمي مع الحرس الثوري الإيراني، والجنرال قاسم سليماني قائد "فيلق القدس"، الذي هيأ لقيادات وعناصر كافة الجماعات المتطرفة المسلحة الهاربة من أفغانستان وباكستان العبور والإقامة في إيران، اعتبر التهديدات الأميركية للنظام الإيراني إنما لغرض: "ابتزاز الأطراف الأخرى بهذه العلاقة"، مضيفاً في تغريدة أخرى له: "بعض المغفلين من حكام الخليج يراهنون في صراعهم مع إيران على الحرب المتوقعة مع أميركا! هذه الحرب لن تقع على أغلب الظن، وإن وقعت فأنتم أول وقودها!! توقع الحرب أولاً، وتعويلكم على نتائجها ثانياً جهل وتغفيل!".
حقيقة هذا القلق الذي أعرب عنه أبو حفص الموريتاني أو كما فضل الإيرانيون أن يطلقوا عليه اسم "الدكتور عبد الله" طوال إقامته في طهران لـ10 أعوام، مع رفاقه من تنظيم القاعدة وباقي قيادات وعناصر الجماعات الراديكالية – السنية المسلحة من بينهم الزرقاوي ورفاقه، يكشفه حساب لأحد عناصر تنظيم القاعدة عبر موقع التواصل الاجتماعي "التليغرام" واطلعت عليه "العربية.نت"، بعد أن قدم نصائحه وإرشاداته لعناصر التنظيم، الذين لا زالوا "يسيحون" حتى اليوم في المدن الإيرانية.
استنفار واحتياطات
وبحسب ما جاء في هذا الحساب الذي تتحفظ "العربية.نت"، على ذكر اسمه وهويته، تحرجاً من ترويج الحسابات الإرهابية، قال فيه: "هذه نصيحة على الهامش نرجو إيصالها للمعنيين بها من إخواننا في إيران: لا بد من أخذ الاحتياطات الكاملة لتجنب الاستهداف في الحرب التي قد تشتعل قريباً، والتي قد تكون على شكل ضربات خاطفة لمنشآت وشخصيات معينة، لتبرير القصف واستغلال الظروف لتصفية الشخصيات الإيرانية والجهادية، التي كان وجودها في إيران مانعاً من استهدافها، ولا يستبعد أن تبدأ الحرب بتصفية هذه الشخصيات لإضفاء مزيد من الشرعية عليها، تحت شعار استهداف رموز "الإرهاب" الذين تؤويهم إيران، رغم أن الحياة هناك أشبه بالإقامة الجبرية التي فرضها الواقع، لكن ذلك سيكون حجة إضافية تدين إيران بدعوى ارتباطها بالقاعدة وغيرها، والواجب التفطن للأمر قبل وقوعه".
وقدم المسؤول عن حساب "التليغرام"، الذي يرجح بكونه أحد الرموز والقيادات في تنظيم القاعدة أو ممن له اتصال مباشر، وعن قرب برموز التنظيمات الراديكالية المتطرفة، بحسب ما تبين من خلال متابعة محتوى الحساب عن كثب، توجيهاته ونصائحه قائلاً: "نصيحتنا لإخواننا هؤلاء، أن يستبدلوا أجهزتهم التي كانوا يستخدمونها خلال الفترة الماضية، فهي الجاسوس الذي لا يجدي معه التخفي، ويعلم عن المرء أكثر مما يعلم عن نفسه، ولا يستبعد أن تكون خاضعة للمراقبة من الأميركان وغيرهم، وهناك قرائن للمراقبة عديدة تشير إلى ذلك".
التمويه والاندماج
وأضاف: "تغيير الجهاز مع الدخول إلى نفس الحسابات من الجهاز الجديد، لا فائدة منه، بل هو يربط المعلومات والأجهزة ببعضها، لتقود بدقة إلى الهدف، وينسج حول المطلوب شبكة يصعب الإفلات منها، وأخطر هذه الحسابات غوغل وفيسبوك... وفوق ذلك كله لابد من تغيير العادات في ارتياد أماكن معينة وتغيير السكن، والأفضل أن يكون شقة ضمن عمارة كبيرة، حتى يكون "الدرع البشري" مانعاً من الاستهداف، وكلما كان التمويه والاندماج أكبر في المجتمع، كلما ساهم ذلك في السلامة".
ودعا عناصر تنظيم القاعدة و"الجهاديين" في إيران إلى عدم التهاون والتفريط في ضبط وسائل الاتصال بين النساء والأطفال، مشدداً: "الأمر جد لا لعب فيه، وحديثنا وتحذيرنا ليس من باب المبالغات، بل هو أمر تشير إليه كل التقديرات".
جماعة الإخوان المسلمين التي كانت أول المهنئين لآية الله الخميني بعد نجاح ما سمي بـ"الثورة الإسلامية الإيرانية"، خرجت كذلك بموقف متطابق مع المفتي السابق لتنظيم "القاعدة"، بحسب بيان صدر مؤخراً عن التنظيم الدولي الذي يتخذ حالياً من تركيا مقراً ومركزا له.
"تحكيم العقل والمنطق"
البيان الذي جاء تعقيباً على العملية الإرهابية التي نفذتها جماعة الحوثي التابعة للحرس الثوري الإيراني على محطتي ضخ بتروليتين تابعتين لشركة أرامكو السعودية على لسان متحدثها الرسمي طلعت فهمي، وابتعد فيه عن أيّة مفردات شجب أو استنكار للعملية الإرهابية، دعا إلى ما وصفه بـ"تحكيم العقل والمنطق" تجنباً لاشتعال حرب في المنطقة.
قائلاً: "في ضوء ما وقع اليوم من اعتداءات على محطات ضخ للنفط، وما حملته الأنباء قبل أيام من اعتداءات على ناقلات نفط في منطقة الخليج، وحرصاً على مصالح المنطقة وشعوبها، فإن جماعة الإخوان المسلمين تدعو كل الأطراف إلى تحكيم العقل والمنطق وتغليب لغة الحوار، لمعالجة تداعيات هذه الحوادث، قطعاً للطريق على إمكانية اشتعال حرب تدمر مقدرات المنطقة وثرواتها".
وأضاف المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان: "تهيب الجماعة بكافة قادة المنطقة وأصحاب الرأي فيها التعامل مع هذه الأحداث وغيرها من التطورات الجارية في المنطقة بما يحافظ على أمنها ومصالح شعوبها، وبما لا يؤدي إلى تفاقم الأزمات أو اشتعال نزاع مسلح لن يستفيد منه إلا الكيان الصهيوني وكل الطامعين في ثرواتها والساعين لإضعافها وتقسيمها، حتى يسهل لهم السيطرة عليها واستنزاف خيراتها".
يشار إلى أن موقف "جماعة الإخوان المسلمين" التي خرج من رحمها كافة جماعات الإسلام السياسي الراديكالية والمسلحة، الداعي إلى الاستسلام للاعتداءات الإيرانية، يأتي منسجما مع الموقف الإيراني الأخير الرافض للقرار الأميركي المرتقب حول تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية.
وذلك وفقا لما صرح به وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، قائلا: "إن الولايات المتحدة ليست في وضع يؤهلها بأن تبدأ في تصنيف الآخرين كمنظمات إرهابية، ونحن نرفض أي محاولة أميركية فيما يتعلق بهذا الأمر".