وسط حالة من الغموض والاستغراب، تلقى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رسالة خطية من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
وذكرت وزارة الخارجية القطرية أن الرسالة تضمنت دعوة من العاهل السعودي للشيخ تميم من أجل حضور القمة الخليجية الطارئة المقررة في 30 مايو الجاري.
وأضافت الوزارة عبر موقعها الرسمي، أن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، تسلّم الرسالة.
والسبت الماضي، دعا الملك سلمان إلى عقد قمتين في مكة "من أجل التشاور والتنسيق مع الدول الشقيقة في كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة".
ويأتي انعقاد القمم في وقت تشهد فيه منطقة الخليج توتراً بين واشنطن وطهران، بعدما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية إرسال معدات عسكرية إلى الشرق الأوسط.
وتقول واشنطن إن هناك معلومات استخبارية بشأن استعدادات محتملة من قبل طهران لتنفيذ هجمات ضد القوات أو المصالح الأمريكية.
وفي 18 مايو الجاري دعا الملك سلمان إلى عقد قمتين في مكة "من أجل التشاور والتنسيق مع الدول الشقيقة في كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة".
وفي ظل المواقف المتضاربة لدول الحصار، وعلى رأسها السعودية، تبقى مشاركة قطر في القمة محل تساؤل، خاصة أن الدوحة لم تعلق على الدعوة حتى الساعات الأولى من ليلة الـ27 من مايو الجاري.
وفي إطار ذلك أعلنت قطر، الأحد الماضي (20 مايو)، أنها تدرس المشاركة في القمة الإسلامية المقرر عقدها في مكة المكرمة، بعد أن وصلتها دعوة من منظمة التعاون الإسلامي.
وتأتي الدعوة في ظل استمرار الأزمة الخليجية، بعد أن قطعت دول السعودية والبحرين والإمارات علاقاتها مع قطر في 5 يونيو 2017.
ومنذ ذلك الحين تراوحت مشاركة قطر في القمم الخليجية والعربية بين عدم المشاركة وضعف التمثيل، كما حدث في القمة العربية الأخيرة بتونس، أواخر مارس الماضي.
ولم يحضر أمير قطر القمة العربية الـ29 التي استضافتها مدينة الظهران السعودية، في أبريل من العام الماضي، ومثَّل الدوحة مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية.
وكان آخر حضور للشيخ تميم في القمة الخليجية بدورتها الـ38، التي استضافتها الكويت في ديسمبر 2017، وسط استمرار الأزمة بين عدد من دول مجلس التعاون.
يذكر أن زعماء الدول الخليجية الثلاث التي حاصرت قطر، امتنعت عن حضور قمة الكويت، واكتفت السعودية والإمارات والبحرين بإرسال ممثلين بمناصب وزارية.
لكن في القمة الخليجية الـ39 التي استضافتها الرياض في ديسمبر 2018، غاب أمير قطر، وترأس وزير الدولة للشؤون الخارجية بقطر، سلطان المريخي، وفد بلاده.
أما في قمة تونس فقد انسحب الشيخ تميم منها بعد حضور الجلسة الافتتاحية للقمة، ثم غادر إلى بلاده، وفق ما كان مخططاً له في جدول الزيارة، بحسب ما ذكرت الخارجية القطرية.
حتى تنجح هذه القمة، كما يقول محجوب الزويري، أستاذ تاريخ إيران والشرق الأوسط المعاصر في جامعة قطر، فـ"هم (دول مجلس التعاون) بحاجة إلى أرضية مشتركة للتوافق على الحد الأدنى".
ويضيف في تصريحات صحفية: "إذا نظرنا إلى المشهد السياسي، فإنه لم يحدث هناك أي تغيير؛ الحصار ما زال قائماً، والحرب الإعلامية ما زالت قائمة، ويمكن مشاهدة ذلك من خلال البرامج الرمضانية التي تم توظيفها (من قبل دول الحصار) لمهاجمة قطر".
ويشير الزويري إلى أن سياسة الرياض في الشرق الأوسط "لا تعكس أي حد من تغيير في السلوك، وهذه الظروف كلها لا تنبئ بأن هناك تغييراً".
وبخصوص الدعوة السعودية لقطر، يقول: "بدون تغيير لا أتصور أن تكون هذه الدعوة قابلة للاستجابة، يجب أن تكون قاعدة من حسن النوايا وإظهار شيء إيجابي حتى تقبل الدعوة، وهذا كله غير موجود".
ويتابع المحلل السياسي: "أعمال القمم غير واضحة. هناك مواجهة بين إيران وأمريكا ومؤتمر المنامة، وهذه قضايا ما عليها توافق بالمنطقة".
ويرى أن دعوة العاهل السعودي لن تسهم في رأب الصدع للأزمة الخليجية، قائلاً: "إنهاء الأزمة يحتاج إلى دبلوماسية هادئة، واتصالات مباشرة ووقف الحرب الإعلامية وإجراءات إيجابية تغير البيئة السلبية التي وجدت منذ الحصار، وكل ذلك غير موجود واستهداف قطر مستمر".
ويضيف الزويري: "بينما تشجع السعودية والإمارات المواجهة مع إيران، نرى أن قطر والكويت وعُمان يدفعون نحو الحلول السياسية، وذلك يعكس التباين الشديد في المواقف الخليجية".
على الجانب الآخر، هناك من يتحدث عن قرب مصالحة خليجية، خصوصا مع شعور قادة الدول الخليجية بالخطر الإيراني على بلادهم.