هو الشعر يتفجر كما تتفجر قنابل المعتدين.. هوالشعر ينفذ زخات المقاومة بلاغة وحماسة وكبرياء.. هو الشاعر تميم البرغوثي ينثر عصارة وجدان جامح يأبي الإحباط.. ينفثها زخات أنفاس ملتهبة تعبر عن معاناة شعب قدره أن يقارع الطغاة ويتجرع الشهادة بثبات وإيمان.. لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. ولا بلاغة بعد الشعر المقاوم.
إذا ارتاح الطغاة إلى الهوانِ فذكرهـم بـأن المـوتَ دانِ
ومن صُدَفٍ بقاءُ المرءِ حَيَّـاً على مرِّ الدَّقائـقِ والثوانـي
وجثةِ طِفْلَةٍ بممـرِّ مَشْفَـىً لها في العمر سبعٌ أو ثماني
على بَرْدِ البلاطِ بـلا سريـرٍ وإلا تحتَ أنقـاضِ المبانـي
كأنَّكِ قُلْتِ لي يا بنتُ شيئـاً عزيـزاً لا يُفَسَّـر باللسـانِ
عن الدنيا وما فيها وعنـي وعن معنى المخافةِ والأمانِ
فَدَيْتُكِ آيـةً نَزَلَـتْ حَدِيثـاًَ بخيطِ دَمٍ عَلَى حَدَقٍ حِسَـانِ
فنادِ المانعينَ الخبـزَ عنهـا ومن سَمَحُوا بِهِ بَعْـدَ الأوانِ
وَهَنِّئْهُـم بِفِرْعَـوْنٍ سَمِيـنٍ كَثَيرِ الجيشِ مَعمورِ المغاني
له لا للبرايا النيـلُ يجـري له البستانُ والثَمَرُ الدَّوانـي
وَقُل لمفرِّقِ البَحرَيْنِ مهمـا حَجَرْتَ عليهما فَسَيَرْجِعَـانِ
وإن راهنتَ أن الناسَ تنسى فإنَّكَ سوفَ تخسرُ في الرِّهانِ
نحاصَرُ من أخٍ أو من عـدوٍّ سَنَغْلِبُ، وحدَنا، وَسَيَنْدَمَـانِ
سَنَغْلِبُ والذي جَعَلَ المنايـا بها أَنَفٌ مِنَ الرََّجُلِ الجبـانِ
بَقِيَّةُ كُـلِّ سَيْـفٍ، كَثَّرَتْنـا مَنَايانا علـى مَـرِّ الزَّمَـانِ
كأن الموت قابلـة عجـوز تـزور القـوم مـن آنٍ لآنِ
نموتُ فيكثرُ الأشرافُ فينـا وتختلطُ التعـازي بالتهانـي
كـأنَّ المـوتَ للأشـرافِ أمٌّ مُشَبَّهَةُ القَسَـاوَةِ بالحنـانِ
لذلك ليس يُذكَرُ في المراثي كثيراً وهو يُذكَرُ في الأغاني
سَنَغْلِبُ والذي رَفَعَ الضحايا مِنَ الأنقاضِ رأساً للجنـانِ
رماديِّونَ كالأنقـاضِ شُعْـثٌ تحدَّدُهم خُيـوطٌ الأرْجُـوَانِ
يَـدٌ لِيَـدٍ تُسَلِّمُهـم فَتَبْـدُو سَمـاءُ اللهِ تَحمِلُهـا يـدانِ
يـدٌ لِيَـدٍ كَمِعـراجٍ طَوِيـلٍ إلى بابِ الكريـمِ المستعـانِ
يَدٌ لِيَدٍ، وَتَحتَ القَصْفِ فَاْقْرَأْ هنالكَ ما تشاءُ من المعانـي
صلاةُ جَمَاعَةٍ في شِبْرِ أَرضٍٍ وطائرةٍ تُحَوِّم فـي المكـانِ
تنادي ذلك الجَمْعَ المصلِّـي لكَ الوَيْلاتُ ما لَكَ لا ترانـي
فَيُمْعِنُ في تَجَاهُلِها فَتَرمِـي قَنَابِلَها فَتَغْرَقُ فـي الدُّخـانِ
وَتُقْلِعُ عَنْ تَشَهُّدِ مَنْ يُصَلِّـي وَعَنْ شَرَفٍ جَدِيدٍ في الأَذَانِ
نقاتلهم على عَطَشٍ وجُـوعٍ وخذلان الأقاصي والأدانـي
نقاتلهم وَظُلْـمُ بنـي أبينـا نُعانِيـه كَأَنَّـا لا نُعـانـي
نُقَاتِلُهم كَـأَنَّ اليَـوْمَ يَـوْمٌ وَحِيدٌ ما لَهُ في الدهر ثَـانِ
بِأَيْدِينا لهـذا اللَّيْـلِ صُبْـحٌ وشَمْسٌ لا تَفِرُّ مِـنَ البَنَـانِ