يعيش المجتمع الموريتاني تحولات اجتماعية كثيرة تلقى بظلالها على جوانب أساسية ومهمة لأي مجتمع يطمح إلى التطور والنماء ، ولعل ابرز ما يعيشه مجتمعنا ويؤثر على مستقبله واستقراره وتميز أجياله القادمة ، هو الزواج العشوائي الذي يحدث دونما أي تفكير أو رؤية وإنما كحالة بهيمية يباركها المجتمع و لا تلبث أن تنتهي كما بدأت بمباركة المجتمع أيضا ، مخلفة أطفالا يستجدون الحنان ويستدرون العطف من كل عابر ، مخلفة مطلقة تضطرها الظروف لاحقا لامتهان كرامتها ..من أجل أبناء لا معيل لهم . وبطبيعة الحال، تنمو شخصيات هؤلاء الأطفال وهي محطمة غير متوازنة ، لا يحصلون على الظروف المساعدة على التعليم النوعي ، و لا يحصلون في الغالب على الحاضنة الاجتماعية والسند الذي يمنعهم من الانحراف وسط عالم رهيب ومفتوح و في ظل تحولات نفسية وبيولوجية في سن المراهقة التي تتطلب الموجه والرقيب ..وهكذا يخلف قرار عشوائي بالزواج ..قرارا أخر حتميا و عشوائيا بالطلاق أجيالا عرجاء لا تملك من التعليم والوعي ما يمنعها من اتخاذ قرار عشوائي بالزواج سيترتب عليه حتما آخر بالطلاق ..وهكذا دورة صناعة الفشل والإخفاق. وهكذا ننتج أجيالا غير قادرة على المساهمة في التنمية الاقتصادية لأنها لم تستطع أن تكون مصادر بشرية رافدة للتنمية الاقتصادية .. نحتاج الى ثقافة جديدة ..تعطى قدسية للزواج باعتباره مشروعا مجتمعيا وقوميا تنبني عليه مصالح العباد والبلاد لاحقا . كما علينا كمجتمع أن نستهجن الطلاق ونعتبره عملا ينم عن فشل صاحبه وضعفه ، وأن يتردد الآباء في تزويج بناتهم من رجل فشل في تجربة سابقة ، و على المجتمع اعتبار الطلاق نقصا من قيمة المطلقة لأنها لم تستطع تسيير تجربة سابقة.
نقلا عن من مجلة الدرب العربي عدد مايو الصادرة عن حزب البعث العربي الاشتراكي - القطر الموريتاني