أنتسب لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وأحسب أنني بذلت الكثير من الجهد والطاقة في خدمته، وقمت بمهام منها الإشراف على الانتساب في إحدى البلديات التابعة لمقاطعة جكني خلال حملة الانتساب الماضية.
وقد تلقيت التهنئة من منسق لجان الانتساب على مستوى المقاطعة السيد آمادو ديالو الذي يشغل حاليا منصب الأمين العام للمحكمة العليا. و أنتهز هذه الفرصة لأشكره على إدارته الحازمة والشفافة والعادلة لكل مجريات عملية الانتساب رغم الضغوط الهائلة، وقوة الفرقاء المتخاصمين، وحضور وسطوة الوزير الأول السابق ولد حدّمين؛ والذي لم يستطع أن يوجه منسقنا عن مساره الصارم في الوقوف على مسافة واحدة من الفرقاء المتصارعين.
وعملت بنشاط وإخلاص في مختلف الحملات الانتخابية التي خاضها الحزب من 2013 إلى الآن. وكابدت خلال هذه الفترة، حسرة الهزيمة ومرارة الخيبة، وشاهدت أيضا فرحة النصر تضيء الأوجه والأماكن، ونشوة الظفر تحيي الأنفس والأرض.
وبحكم تجربتي في الأحزاب السياسية السابقة (انتسبت مرة لحزب تكتل القوى الديمقراطية، وكنت عضوا منتسبا في حزب العمال الاشتراكي الإسباني (Psoe)، أقول إن الحزب-وكما يقول رجل القانون والمتخصص في العلوم السياسية، جورج بيردو (G. Burdeau)- هو “تجمع لأشخاص يؤمنون ببعض الأفكار السياسية ويعملون على انتصارها وتحقيقها، وذلك بجمع أكبر عدد ممكن من المواطنين حولها والسعي للوصول إلى السلطة، أو على الأقل التأثير على قرارات السلطة الحاكمة”.
وبما أن حزبنا في السلطة، ويتسمّى الحزب الحاكم إلا أنه لا مراء في أن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لا سلطة له في هذا البلد ولا حاكمية، إلا ما كان مجازا أو تفاؤلا أو سخرية. حزب بغالبية مريحة في الجمعية الوطنية وفي المجالس الجهوية والبلدية، وهو مع هذا لا وجود له في الحكومة أو إن شئت قل لا تأثير له في قراراتها أو توجيه سياساتها، ناهيك عن المشاركة الفاعلة والنشطة للسياسيين والنشطاء والمنتسبين والقوى والمراكز الحية في الحزب.
يقول فرانسوا بوريلا (François Borella)، وهو فقيه قانوني، متخصص في القانون الدستوري، إنه يلزم ثلاثة عناصر، لا بد من وجودها في كل حزب سياسي:
1*مجموعة منظمة من الأفراد قادرين على التعبير عن مطالبهم.
2* وجود مجموعة اقتراحات تمس سياسة الحكومة.
3* وجود نشاط يهدف للسيطرة على السـلطـة وممارستها.
ولو طبقنا هذه المعايير الثلاثة على حزبنا العتيد (حزب الاتحاد من أجل الجمهورية)، ربما نجد أن العنصر الأول متحقق إلى حد ما (هناك مجموعة كبيرة من الأفراد ولديها الكثير من الأفكار الجيدة والمطالب المتنوعة).
وبالنسبة للعنصر الثاني غير موجود. الحزب يلهث وراء الحكومة. ويأتي متأخرا عنها بفارق زمني كبير. ولا يقوم بأي مبادرات جادة أو توجيه سياسي للحكومة، جل عمله ردات فعل على العمل الحكومي أو ترجيع صدى، وأقصى نشاط له أو تحشيد أن ينظم ورشة أو يصدر بيانات.
والعنصر الثالث لا وجود له أيضا. الحزب قانع بهذا الخفوت، ومستسلم لهذه الوضعية التي جعلته في وضع الصامت حتى يتم استدعاؤه في مناسبة قادمة أو استحقاقات مستقبلية. لا وزراء معروفون من الحزب أو قيادات منه في مناصب سامية، لا إشراك للنواب أو العمد أو رؤساء المجالس البلدية في أي شيء، لا مزاحمة أو مدافعة حتى يتصدر المشهد السياسي ويأخذ مكانه المستحق والذي أعطته له صناديق الاقتراع.
آمل أن تعرف القيادة الجديدة للحزب أن أمامها تحد كبير في أن تنتشل الحزب من هذا التردي والحضيض إلى حزب سياسي حاكم حقا له أغلبية في الجمعية الوطنية وفي المجالس البلدية والجهوية.
سيد أحمد أعمر محم (إعــلامي وكاتب).