قررت السلطات الموريتانية استبدال عربات الحمير بعربات بثلاث عجلات "توك توك" تستعمل لأول مرة في البلاد. وتهدف السلطات من خلال هذا الإجراء إلى القضاء على فوضى حركة المرور التي تسببها "عربات الحمير"، وهي عربات خشبية تجرها دواب تستعمل من قبل سكان الأحياء الهامشية في نقل الأشخاص والبضائع والماء.
ودعت إدارة النقل البري مالكي عربات الحمير إلى الانتظام في دروس تعليم القيادة على الـ"توك توك". كما وعدت السلطات أوائل الملتحقين بالدروس باستصدار رخص سير عاجلة، ليكونوا أول من يقود الـ"توك توك" في موريتانيا.
وكانت وكالة التضامن (هيئة حكومية تتولى مهام محاربة مخلفات الرق والدمج ومكافحة الفقر) قد تولت شراء عربات الـ"توك توك". كما أجرت إحصاء لمستخدمي العربات التي تجرها الأحصنة والحمير في جميع مقاطعات نواكشوط. وستقوم الوكالة التي تشرف على المشروع بالتعاون مع وزارة النقل ووزارة الداخلية بمنح كلّ سائق من سائقي عربات الحمير "توك توك" جديداً، شرط أن يتعهد بعدم استعمال عربات الحمير مجدداً.
وسجلت وكالة التضامن أسماء أكثر من 2550 مالك عربة خشبية تجرها دابة، في سبيل إتمام عملية الاستبدال. كما باشرت فرق من وزارة النقل تدريب السائقين الجدد على استعمال عربات الـ"توك توك" التي تشكل تجربة فريدة ينتظر أن تغير شكل العاصمة نواكشوط، التي عانت لعقود طويلة من عربات الحمير.
من جهته، يقول مدرب القيادة المكلف بتدريب سائقي العربات محمد الخرشي لـ"العربي الجديد" إنّ "هذا المشروع يسعى إلى الحد من زحمة المرور، وكذلك تحسين مظهر الشوارع المزدحمة في العاصمة. فعند اكتمال المشروع سوف تختفي عربات الحمير بشكل نهائي من العاصمة، لتحل مكانها عربات عصرية تلبي احتياجات بعض أحياء نواكشوط. وتمنح المدينة مظهرا أكثر حداثة".
وحول استجابة مالكي عربات الحمير لهذه المبادرة يقول الخرشي: "لا بد من التريث والصبر لإقناع هؤلاء السائقين بالتخلي عن قيادة عربات تجرها الحمير، إلى أخرى حديثة وذات محرك يعمل بالديزل.. فالبعض يبدي اهتماما بالمشروع، وآخرون يتخوفون من فرض ضرائب أو أقساط شهرية عليهم".
وأطلقت وكالة التضامن أخيراً برنامج محاربة الفقر عن طريق العمل اللائق وعصرنة وسائل النقل. ويهدف هذا البرنامج إلى إيجاد حلول حقيقية لإشكالية تشغيل الشباب المتحدرين من الأوساط الاجتماعية الأكثر هشاشة، والذين يمتهن أغلبهم النقل بواسطة عربات الحمير.
ويهدف هذا البرنامج إلى تحديث وسائل نقل الأشخاص والبضائع، وتمكين السكان الأكثر فقراً من وسائل إنتاج حديثة، ومصادر جديدة مدرة للدخل، وترقية وتنفيذ السياسة الوطنية في مجال محاربة مخلفات الرق والفقر، ودمج المجموعات الأكثر هشاشة عن طريق خلق فرص عمل جديدة، وضمان استمرارية التشغيل اللائق في صفوف الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة، خاصة أصحاب العربات، وناقلي السمك والمنتجات الزراعية، وترقية المؤسسات الصغيرة والتجمعات ذات النفع الاقتصادي التي ينشئها ويديرها الشباب العاطلون عن العمل.
وبدأت وكالة التضامن في توزيع 2550 سيارة ثلاثية العجلات، من مختلف الأنواع. واعتمدت النظام التالي: 900 سيارة ثلاثية العجلات، منها 770 ستتنازل عنها الوكالة لصالح ولاية نواكشوط، و130 لصالح الولايات الأخرى، و850 سيارة ثلاثية العجلات منها 725 ستسلمها الوكالة لوزارة التشغيل والتكوين المهني، و125 للولايات الداخلية توجه لنقل البضائع المختلفة، وستتمكن من خلق 2550 فرصة عمل جديدة.
كما سيوفر البرنامج 300 شاحنة صغيرة، و300 سيارة ثلاثية العجلات مزودة بثلاجات تستعمل لنقل الأسماك والمنتجات الزراعية، تمكّن من خلق 600 فرصة عمل لائق. بالإضافة إلى 200 سيارة ثلاثية الدفع لبيع البضائع بالتجول.
ويستهدف برنامج محاربة الفقر عن طريق العمل اللائق وعصرنة وسائل النقل، أصحاب العربات، وحملة شهادات التعليم الفني والتكوين المهني، لضمان الاستمرارية في 2700 منصب عمل لائق، وخلق 5300 فرصة عمل جديدة.
وتعد العربات التي تجرها دواب من المظاهر التي تتميز بها العاصمة الموريتانية نواكشوط. ورغم الانتقادات التي تطالها واستياء البعض من وجودها في قلب العاصمة، إلا أنها توفر وسيلة نقل رخيصة يعتمد عليها الكثيرون في تنقلاتهم اليومية من الأحياء النائية إلى الأسواق وسط العاصمة. كما أنّها توفر فرص عمل لمئات الشباب الذين يعتمدون عليها لتوفير لقمة العيش لهم ولذويهم.