مدجنة أم لعظام الحقيقة المزيفة

جمعة, 07/16/2021 - 16:50

لاحظنا بعض المدونين ينشرون مقاطع لما يعرف باسم مدجنة أم العظام، ينشرون اعتمادا على رواية واحدة كاذبة خاطئة من طرف واحد معترف بجريمته، ودون أن يقولوا أو يحيلوا إلى عدم اكتمال الصورة لديهم… وكان عليهم أن يكون لديهم من حسن الذوق والفهم والمسئولية أن يشكوا أو يبحثوا عن الضحية، وخصوصا أن الذين يقومون بالتسجيلات تظلما يعترفون بفعلهم وإن قللوا من شأنه وقيمة ما أفسدوا…
ولو أن أهل الأرض اشتركوا في قتل رجل واحد لقتلوا به… 

قصة الجريمة: 
هناك رجل طاعن في السن بلغ الثمانين أو كاد له ذرية ضعفاء، أقام مشروع مدجنة على قارعة الطريق والشارع العام، في أرض خالية من بنيان ومن حيازة، وهي أرض ريفية لا تملك بأوراق، وبعد أن استشار جيرانه وأذنوا له، وما إن بدأت المدجنة تنتعش، وبدأ يرسل منتوجه إلى القرى المحيطة، والناس بدأت تعرفه وترسل له قضاء لحاجتها؛ حتى بدا لمحرضهم غير رأيه الأول، فأخذ يحرض على الفتنة ويتصامم عن كل إصلاح ذات بين الجيران القربى؛ وأخذوا يقولون إن الأرض أرضهم، ولا بد أن يرحل منها هذا الشيخ بعد أن أحياها، وأقام عليها أعرشة ثلاثة لتربية الدواجن…

وقعت احتكاكات لفظية، وادعى كل طرف أن الطرف الآخر هو البادئ، وذهبوا إلى الإدارة ليحتكموا إليها وتدخل بعض الخيرين ليجدوا حلا وسطا، وعرضت أرض غير الأرض، وفي أثناء الأخذ والرد والمبادرات جاء رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، واستعجلوا قبل أن تقول الإدارة رأيها فيما هو معروض عندها، أبرموا أمرهم بليل أنهم فاعلون جريمتهم وغدرهم، وتجمعوا من قرى شتى -وذلك يدل عليه الحكم القضائي الذي صدر عليهم وحدد أماكن سكنهم- جاءوا من أماكن شتى لا يجمعهم إلا نفوذ محرضهم عليهم ومشغلهم من غير أجرة، وعلاقتهم به تاريخيا، وهدموا الأعرشة، وقتلوا الحيوان الداجن، ونهبوا ما طاب لهم، وكسروا معدات المجزرة، وسرقوا البعض، كانت الزغاريد والرصاص يطلق في الهواء، ساعتها لم يفعلوا هذا باسمهم حراطين، وإنما باسم شرفهم وشرف محرضيهم، وطغيان الذين رعوا لهم ولم يعطوهم حقهم كما ذكروا… 

إنهم اليوم يحاولون تشويه قضية لحراطين العادلة في معظم جوانبها، ولأن الناس تتعاطف مع تلك المظالم التاريخية، أصبح المجرمون يحتمون بها، ويفرون من العدالة باسمها، وليس لأي أحد الحق في هدم ممتلكات الغير، وأخذ القانون بيده، وجعل نفسه فوق الدولة والمساءلة القانونية بحجة شريف أو حرطاني أو بيظاني..

كان الرجل المسكين العجوز الثمانيني المجرد من أي قوة إلا قوة التحمل والأمل في إنصاف الإدارة، وأن لكل ظالم نهاية وخيمة، كان يرى حلمه وأمله ومصدر لقمة عيشه يهدم بأيدي جيرانه، الذين علمهم القرآن، وكانوا طلابه.. 

صبر وكظم غيظه ووقف أمام أبنائه خوفا من الفتنة، ووقوع القتل الذي كان المجرمون البغاة (وصفهم الحكم بمجموعة أشرار) عازمون على ارتكابه… 

في نفس اليوم ذهب الرجل المغدور إلى السلطات الإدارية، وضُبِط الجناة؛ فلم يكونوا ليفروا، ولم يكونوا لينكروا جريمتهم، ولم يكونوا ليقولوا إنهم حراطين؛ لأن محرضهم كان يقول -ولأنه صاحب سوابق أفلت من العدالة في حالات سابقة- كان يقول لهم الوزير في يدي، والقاضي في جيبي، والوكيل تحت إمرتي، وليس إلا توقيع عند الدرك ثم تعودون إلى بيوتكم… بعد أن قمتم بواجبكم وفعلتم ما يجب فعله…. 

وبعد أن ارتضى الرجل المغدور طريق العدالة والتقاضي، وسلك سبيل ذلك؛ كان الحكم بعد سنتين حكما ابتدائيا، استأنفه المجرمون الجناة… 

يقول الرجل المسكين المظلوم إن بكاء المجرم ليس جديدا، وظهوره في ثوب الضحية والمظلوم ليس إلا إمعانا في جرمه، وهو لا يرضى أن تكون جريمته في حدوده ومسئوليته، بل لا بد من إشراك البسطاء، والغير المتثبتين في جريمة تحريض وكذب وقول بغير علم؛ حتى تكون فتنة بين الناس، وهذا التباكي من عمل وإملاء المحرضين -كما يدل عليه التسجيل- الذين وقفوا أمام تسوية القضية صلحا، ودفع ما أتلف من مال وبنيان…

ويقول الوالد الجد المكلوم للمدونين انتبهوا: 
فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله…

بقلم: محمد يحي ولد عبد الرحمن خطري