لمعرفة مستوى سيطرة فكرة الفرار من التنظيم والنسق في الثقافة العربية البدوية، يكفي التمعن في وقائع حديث صحيح البخاري: " انزل فاجدح لنا"..
رجل من الصحابة رضوان الله عليهم، يأمره المُبلغ ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الله ، بإعداد الفطور: "قم فاجدح لنا"، فيعترض: "لو أمسيتَ"، وفي الثانية: "قم فاجدح لنا"، يكرر الرجل نفس الجواب، في الثالثة: يجيب: "إن عليك نهارا"..(الجدح: أزْرِيگْ أدْگِيگْ شعيرا أو غيره)..
تفسر طائفة عريضة من المؤرخين الهجرات إلى الفضاء الموريتاني بالفرار من التنظيم والنسق والدولة، ويفسرون كثيرا من مسلكيات الإنسان الموريتاني تجاه التنظيم والدولة باستقرار فكرة الرفض في اللاشعور لديه..
الضجيج والخلافات والتشويش الذي رافق تدخل الدولة منذ الاستقلال في تنظيم مراقبة الأهلة، منشأه الأساسي فكرة مستقرة في اللاشعور لدى الإنسان الموريتاني تجاه التنظيم والنسق، غذتها عبر السنوات منازع أخرى……
الخلاف حول الأهلة لن يرتفع أبدا، تماما كخلاف البسملة، ولن تزيده إجراءات التنظيم والضبط والتصحيح إلا قوة..
شخصيا، ودون شرح الزمُ غرز الجهاز الرسمي، المكلف بالأهلة، وذلك نهجي منذ صومي الأول، وزيادة على ذلك لا أثق في صاحب رؤية لم يرفعها وقت الحاجة إليها..