يؤلمني كثيرا مايشهده السودان وتعتريني هشاشة وجدانية مضمخة باليأس والامل ، ترتسم امامي سناريوهات احلاها مر ..فبالنسبة لي لن يتغلب احد الجنرالين علي الاخر بصورة حاسمة مهما بلغ سيل الدماء والمغلوب الوحيد علي امره هو شعب السودان الذي طالما ظلمه التاريخ وطالما تكالب عليه الاعداء من كل حدب وصوب وطالما ضحي بالغالي والنفيس من اجل الكرامة والبقاء...لكن المحنة الحالية معقدة للغاية..فنحن امام سناريوهات تحاك اقليميا ودوليا للاجهاز علي رمزية السودان الجامع ارض التفاعل والتلاقي الازلي بين العرب والافارقة ومعبر الاسلام الي اعماق افريقيا وعبرها الي العالم.. والمؤسف ان حميدتي والبرهان يدفعان بالسودان نحو نفق لاضوء في نهايته فتغلب البرهان في الخرطوم وبعض مدن شمال السودان يعني تراجع حميدتي والدعم السريع لدافور ويعني ذلك اندلاع حرب اهلية انفصالية قتالة وقودها النزعات العرقية والجهوية تمهد لظهور دويلات مستقلة عن المركز ستكون رهينة لمن يدعمها من القوي الاقليمية والدولية...اما اذا لم يتغلب طرف علي الاخر فيعني ذلك ان كل السودان تحول الي بؤر حروب اهلية هجينة تؤدي لصوملته وتحويله لبلد فاشل تؤثر الاثار الارتدادية لفشله في دوزينة من الدول الافريقية التي تعاني من هشاشات تهدد وجودها اصلا.
دعونا نحلم و نتصور سناريوهات اقل حدة منها سناريو انقلاب الجيش علي البرهان وازاحة الدعم السريع لحميدتي واختيار ضابط من الجيش النظامي اقل تورطا في الصراعات الحالية واكثر استعدادا لتسريع وتيرة انتقال السلطة للمدنيين واكثر تفهما للهواجس الاقليمية والدولية ..سناريو من هذا القبيل قد يكون ارحم بالسودان...اما السناريو الافضل والمستبعد فهو انقلاب ابيض يقدم عليه جنرال كسوار الذهب يقود فترة انتقالية قصيرة مهمتها الاساسية اعداد دستور وتنظيم انتخابات شفافة برعاية دولية تعيد الحكم لسلطة منتخبة يكون من صلاحيتها حسم موضوع دمج المليشيات وتحديد دور القوات المسلحة والامنية في بلد ديمقراطي يتلمس طريقه نحو دولة مدنية مكتملة الاركان....فهل يرفع الاخرون ايديهم اخيرا عن السوداننين ليحققوا حلمهم الديمقراطي؟ ام أن رياح المطامع والمطامح ستدفع الامور في اتجاه اخر؟ وهل تتسع احلام اشقائنا كما اتسعت ارضهم ؟
( لعمرك ماضاقت بلاد باهلها ولكن احلام الرجال تضيق)