محمد أحمد المختار يكتب .. بطولات المقاومة

جمعة, 01/24/2025 - 08:37

من المسلم به أن المقاومة الفلسطينية قد حققت المستحيل رغم أصعب الظروف التي تمر بها: فرفضت الرضوخ، وظلت صامدة مطمئنة في مواجهة عدو يحظى بوسائل وإمكانيات لا تكاد تنضب. وبالإشارة إلى النزر اليسير من العقبات التي اعترضت سبيل المقاومة تصيبنا الدهشة. من ذلك على سبيل التمثيل (والقائمة طويلة): حصار في نطاق ضيق بحيث أخضع القطاع لعزلة خانقة تحيط به مستوطنات تناصبه ألد العداوة، وتخلى عنه الأشقاء تدريجيا متجهين صوب التطبيع مع المحتل، وصدت عنه المنظمات الدولية وأولته آذانا صماء...

في هذا السياق، تشبثت المقاومة الفلسطينية بقضيتها وحرصت على ألا يلفها النسيان، واستطاعت أن تعد بهدوء ترسانة دفاعية وأطلقت الهجوم المباغت يوم ٧ أكتوبر. 

ثم واصلت بلا هوادة وبنفس الحماس والتصميم كفاحها البطولي الذي تخللته مشاهد من البسالة الفائقة، فأحيت الاهتمام بقضيتها ولفتت إليها أنظار العالم، وأحبطت مخططات خصومها.

إخفاقات إسرائيل

خرج الكيان الصهيوني من هذه المواجهة مثخنا بالجراح، ولم يحقق أيا من أهدافه المعلنة، وهي: تحرير محتجزيه بالقوة، وسحق المقاومة، وتهجير السكان الفلسطينيين. وعلى العكس، واجهت إسرائيل استهجانا عارما لجرائمها البشعة: مجازر المدنيين العشوائية (نساء، وأطفالا، ورضعا، وطواقم طبية، ومدرسين، وصحفيين ...)، وتدمير مدن بكاملها، وإسقاط مئات الآلاف من أطنان القنابل من جميع الأنواع، إلخ، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني الذي ما فتئت تدوسه، مظهرة في وجه العالم ارتكابها للإبادة الجماعية.

ولا يسعنا غلق سجل إخفاقاتها دون الإشارة إلى التداعيات الوخيمة للنزاع على الجيش الإسرائيلي (خروج محبط بمئات بل آلاف القتلى والمعاقين جسديا وعقليا)، وعلى الاقتصاد الذي دخل في مرحلة ركود، وعلى السكان المنقسمين والذين يعيشون في جو من الرعب الدائم ...

وقد ظهر أن ما تتبجح به من قيم ديمقراطية وجيش لا يقهر مجرد أوهام زائفة.

حدث لم يسبق له مثيل

أما المقاومة فسرعان ما أدركت أن لا ملجأ لها إلا الله تعالى، فتوكلت عليه وانبرت تدافع عن قضيتها العادلة ملتمسة الحياة بعز أو الموت في الشهادة.

وهذا هو بالضبط سر نجاحها الباهر.

وسيتكفل التاريخ بسرد وقائع هذا الكفاح البطولي الذي سيغذي على مدى سنوات المادة الإخبارية لوسائل الإعلام. ولا ريب أن إرادة شعب موحد لا يمكن كسرها أبدا!