عبد الله حبيب الله يكتب .. متحف السيرة.. عودة البدوي

جمعة, 05/09/2025 - 00:18

لم يكن علامة السيرة النبوية الشيخ أحمد البدوي، حين ترنم بمفتتح تأليفيه في الغزوات والأنساب، يدرك أنه سيأتي اليوم الذي يضاهي عمله العلمي الضخم، عمل رجل من جيل لاحق من المولعين بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم،،

وأبعد أن يدور بخلد إمام السيرة أن هذا الرجل رئيس دولة تزدحم على وقته المحدود مشاغل الاقتصاد والأمن والسياسة.. لقد فعلها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وجسد ببديع الصنعة بدائع ما نظمه الإمام البدوي.. صاغت بلاغة القرار الرئاسي بإنشاء متحف نواكشوط للسيرة النبوية نظما جديدا في السيرة والشمائل، حيا ناطقا، نظما ثلاثي الأبعاد، ممغنطة على شاشات يتدفق عبيرها بلمس الأصابع.

إنها أفضل ستارة أزيحت عن لوحة تذكارية في هذه البلاد.. لوحة يصلها نسب عريق مع لوحات من عبروا هذه الأرض من شوامخ المحبين للجناب النبوي الشريف؛،هناك إلى جانب ولد محمدي، والشيخ سيديا، والأحول، واليدالي، كتبت قصيدتك ورسمت لوحتك، فخلدت إلى جانب من خلدوا بذكر الحبيب وارتبطت أسماؤهم بمدائحه الرائقة..

لقد شاهدت الدمعه ترقرق في عينيك فخامة الرئيس، وأنت تدلف بالعرض ثلاثي الأبعاد إلى تلك المربعات الصغيرة التي نسميها حجرا لأمهات المؤمنين، وقفت حيث صنعت الحضارة من البساطة، حيث انبثقت قمم القلاع من تلك الأرضية الموغلة في البساطة، وحيث ارتوت سحب الحضارة وأمطرت أقاصي الدنيا، برسالة الرحمة المهداة.

كتب البدوي الناظم البديع:

وخيره- والعلم تسمو رتبته
من فضل ما دل عليه- سيرته
+++++
لكن تطفلت على بركته
وجاهه بنظم بعض سيرته
لعلها بالنظم هلهلا على 
من رامها نثرا تكون أسهلا

كان هذا أقصى ما يمكن أن يصل إليه البيان في عهد رجل عاش في مجتمع ظاعن، منتجع، فسهل النظم الوجيز البديع حفظ ما تناثر في آلاف الصفحات…

وجئت وقد استحالت البلاغة خلقا آخر، وحل التجسيد بالصور والرسوم محل الوصف بالكلمات، فجلبتها تحفة فنية حية ناطقة، يتنقل المرء في جنباتها بين حجر النبي صلى الله عليه وسلم، ومنبره، يرافقه في رحلة الهجرة الشاقة التي غيرت مجرى التاريخ، يقيس بلمسة إصبع المسافات بين مواطن بعوثه وسراياه، وغزواته، ويقف حيث أوقف التاريخ أعظم إنسان على الإطلاق..

يطوف مرابع صباه في مهوى الأفئدة، أفئدة المؤمنين، يعايش تلك الأحداث التي صنعت للإنسانية عمرا جديدا، أنقذتها من العمى، وهدت خطاها الزائغة سواء الصراط..

اختزلت بهذا المتحف آلاف الكتب، وسنين من التعليم، لخصت آلاف الأبيات، وعشرات آلاف الصفحات، وأهديتها الناشئة في ثوب عصري قشيب.. لقد أديت حق السيرة العطرة والهدي الوضاء، وشرعت لأجيال المستقبل الطريق نحو المنهل العذب، نهجتها للواردين طريقا سهلا لا لا مرتفعات بها ولا وهاد.

طريفا ربطت بين نواكشوط والمدنية المنورة، ومكة..، طريقا واصلا إلى سلع، وبدر، وحرة واقم، وهزم النبيت، وأحد، ومسيل الوادي من الحديبية…
عليك سلام الله في الخالدين، بما بنيت، وما أسست، وما شيدت.. وبما خدمت سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحفظته في أمته بخير..
إنه العز الخالد على الأيام، فهنيئا لكم فخامة الرئيس.

عبد الله حبيب الله