
إن ما تتعرض له غزة من المآسي كالقتل والتعذيب والتدمير والتجويع والتهجير القسري مما تقصر عن وصفه العبارة وتخجل لا يمكن السكوت عليه أوالتغاضي عنه مع العلم أن معدل القتلى يوميا يتجاوز الستين وأضعاف أضعاف هذا العدد من الجرحى والمفقودين.
إن بشاعة هذا الوضع وتفاقمه وتطوره إلى ما هو أسوأ وتمادي الكيان الصهيوني على هذا النهج دون المبالاة بالاستنكارات من أي جهة كانت لابد من مجابهته والتصدي له بقوة وشجاعة-لا مناص من ذلك- فلاجدوى من التنديدات اللفظية ولا من طلب العون من الجلادين. إنما هي مضيعة للوقت. فالكل يعلم علم اليقين-وإن لم يعمل بمقتضى علمه-أن دولة إسرائيل لا تفهم إلا منطق القوة فلا تقاد إلى السلام إلا بسلاسل من نار وحديد. هذا ما جرب عبر التاريخ وفي أيامنا هذه. فلا مجال إذن للتراخي وأرواح الأبرياء تزهق كل يوم تطلع فيه الشمس. فالمطلوب من الدول العربية والإسلامية ومن كل ذي ضمير حي العمل قبل فوات الأوان على فك الحصار ووقف العدوان على الفور. فعليهم-إن كانوا جادين في هذا الاتجاه- أن يتخذوا الإجراءات العملية والفعالة الموصلةإلى الهدف المنشود. فوسائل الضغط كثيرة ومتشعبة من حصار اقتصادي وقطع علاقات سياسية ومراجعة للمعاهدات والاتفاقيات ما أبرم منها وما هو على طريق الإنجاز وأخذ العدة لتدخل عسكري فعال إلى غير ذلك....فالإمكانيات اقتصادية كانت أم عسكرية أم بشرية متوفرة. فالحل ليس عزيزا في ظل إرادة قوية وخالصة وتنسيق محكم.
إن مؤازرة هذا الشعب المظلوم المضطهد الذي يدافع عن دينه وشرفه ووطنه والعمل على تخفيف معاناته وفك الحصار عنه واجب شرعي وأخلاقي يتعين على كل مسلم بحسب استطاعته. فمن تخلى عن واجبه وآثر العزلة والتغاضي عن جرائم الطغاة المعتدين يخشى عليه أن يكون شريكا لهم في الإثم إذلا عذرله لأن العالم أصبح كالقرية الواحدة مع انتشار وسائل الإعلام المتنوعة فما يصل إلى أسماعه وما يشاهده يجعله على اطلاع بما فيه الكفاية على ما يتعرض له أهل غزة من أنواع الظلم. فإن سكت فهو على بينة من الأمر وإن لم يكن على دراية تامة بما يحاك حوله من مؤامرات.
فالمطلوب وأول الأولويات يكمن في وضع حد -على الفور وبكل الوسائل- لهذه المزجرة التي يتعرض لها أهالي غزة لا الانشغال عنها باعترافات وهمية لا تقدم ولا تؤخر ولا تتجاوز مناخر أصحابها لأن غايتها التسلية عن الواقع المر الذي تعيشه غزة. فمن يعتني حقا بالشأن الفلسطيني لا يمكن أن يطلق على المجاهدين الذين يسعون إلى استرجاع حقوقهم والعيش بسلام على أرضهم المغتصبة لفظ "إرهابيين" وشيطنتهم والرفع من شأن المغتصب الظالم المعتدي واتخاذه نموذجا يحتذى بسلوكه.
هذه المعايير والتصنيفات وما شاكلها المستندة على قلب الحقائق والتضليل هي التي يروج لها الكيان الصهيوني ومن دعموا قيام دولته وكانوا لها سندا وعونا على مر السنين و قد أفلحوا في جر الكثير لتبنيها والترويج لها حتى صارت أداة في تحبيط إرادة بعض الأنظمة والشعوب. وكان من نتائج هذا التزييف زرع الفتنة والتباعد بين الإخوة والجيران فعدل البعض عن مساندة المجاهدين واعتمد ما يدس حولهم ومايعيرون به من أكاذيب وأباطيل وأراجيف.لكن الحق يعلو ولا يعلى عليه فبفضل المولى جل جلاله أولا وبصبر المجاهدين وتضحياتهم الجسيمة بدأت
الممارسات الخبيثة لإسرائيل وأعوانها تظهر شيئا فشيئا حتى صارت واضحة وضوح الشمس.فانكشفت الأباطيل ورئيت على حقيقتها وأصبح الكيان وحلفاؤه منبوذين.
إن السؤال المطروح هو ماذا كان على إسرائيل فعله حتى يقتنع العرب والمسلمون بضرورة التدخل لإنقاذ ما بقي حيا من أبناء غزة؟ أهم ينتظرون حتى تسوى غزة بالأرض ولا يبقى لسكانها أثر يذكر وحتى تتمكن إسرائيل من تنفيذ ماتبقى من مخططاتها جهرا وهي في مأمن من كل ما قد يربكها؟