كشفت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير لها عن جانب من العالم السري للجهاديات وخاصة الأوروبيات والأميركيات اللاتي تجاوز عددهن 500 جهادية، حيث يقوم عدد من كوادر التنظيم بمحاولة إقناعهن بالحضور إلى أرض المعارك للزواج بمقاتلي داعش وعلى رأس هذا الفريق أحد القيادات يدعى "جعفر".
ويحاول نشطاء داعش على شبكات التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر" بشكل خاص برسم حياة الجهاد والجنة وحلم أن تصبح المرأة زوجة شهيد في مجتمع الفضيلة كما يحاولون تسويقه للفتيات وخاصة الصغيرات القاصرات اللاتي لم يتجاوزن العشرين من عمرهن وحديثات العهد بالإسلام حتى إن بعضهن لم يدخلن الإسلام إلا منذ عام واحد ولا يعرفن عن تعاليم الدين السمح إلا القليل مما يسهل التغرير بهن وإيقاعهن في رحلة الذهاب بلا عودة لتصبحن جهاديات تحت العشرين.
وتروي امرأة تدعى "أم عمر" قصتها مع رحلة الذهاب بلا عودة إلى داعش فتقول "ولدت في بريطانيا لوالدين من بنجلاديش وقررت الذهاب إلى سوريا للانضمام إلى داعش حيث الوعود بحلم الخلافة الإسلامية والعدل وكان عمري وقتها لم يتجاوز 16 عاما وتركت رسالة لوالدي قبل أن أتسلل من المنزل في منتصف الليل وحصلت على قرض الطلاب من إنجلترا ولم تسدده لأن أموال الكفار حلال كما تدعي "العروس الجهادية".
وتقول الطفلة "أم عمر" التي أصبحت عروسا فيما بعد بأنها تعرفت على عريسها الداعشي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقررت ترك بريطانيا للزواج منه والذي كان من بنجلاديش ويحمل الجنسية البريطانية أيضا، مثلها تماما وكانت عائلته حتى من نفس القرية في بنغلاديش والذي قتل قبل شهرين في المعارك لتصبح أرملة جهادية وليست عروسا جهادية وهي الآن قد دخلت فترة الحداد التقليدية (ثلاثة أشهر)، وتنوي العودة للعمل في شرطة الحسبة مع نساء داعش".
الزواج بدون ولي
"أم عباس" بريطانية لأبوين باكستانيين (20 عاما)، تقول عبرت الحدود مع أسرة كاملة مكونة من أكثر من 10 أفراد، وكان لديهم طفل حديث الولادة، هي الآن سوف تزف لأحد مقاتلي داعش وتحاول الحصول على إذن والديها في بريطانيا لكنهم يرفضون الزواج وهي سوف تتزوج بدون موافقتهما في حال استمرار رفضهما لتكون شريكة مع "أم الزهراء" "ضرتها" في المقاتل الداعشي.
وفي غرفة فندق باسطنبول التركية جلست "إيرين" تتصارع مع قرار صعب سوف يغير مجرى حياتها وكانت قد أنفقت حوالي 3500 $ (2220 £) في رحلة ذهاب وعودة إلى تركيا من منزلها في الولايات المتحدة ولكنها كانت تعرف بأنها لن تستخدم رحلة العودة ولكنها حجزت ذهاب وعودة خوفا من افتضاح أمرها.
وبينما "إيرين" كانت مازالت حائرة في قرارها للذهاب إلى داعش وجدت عشرات الرسائل في بريدها الإلكتروني تطلب يدها للزواج من أحد مقاتلي داعش "أبومحمد" الذي طالما كان يقوم بالدردشة معها قبل ذلك على مواقع التواصيل الاجتماعي و كانت "إيرين" في أواخر سن المراهقة وكانت قد تخرجت مؤخرا من المدرسة الثانوية، و كانت فتاة وحيدة تهتم ببرمجة الكمبيوتر واعتنقت الإسلام منذ أقل من سنة قبل رحلتها إلي عريس الجهاد بعد أن غيرت اسمها إلى "أم خالد".
واتخذت إيرين قرارا صعبا صحح أوضاعها من رحلة إلى أرض الجنة والعفاف والزواج من رجل تقي يضمن لها الجنة حيث اكتشفت بأن رحلة الذهاب إلى سوريا صعبة وتستغرق حوالي 18 ساعة من مقر فندقها في تركيا إلى عش الزوجية السعيد في سوريا فضلا عن أنها محفوفة بالمخاطر والخوف.
لقد اكتشفت إيرين كم هي كانت ساذجة لتثق في شخص لم يكن حتى تعرف اسمه الحقيقي على تويتر أو الفيسبوك مما دفعها لاتخاذ القرار الصحيح والعودة إلى أميركا في رحلة العودة التي لم تكن تنوي استخدامها أصلا.
النساء الغربيات في "داعش".. صغيرات السن ومتعلمات
ذكر بحث بريطاني جديد أن أعداد بنات العائلات ميسورة الحال تتزايد بين نساء الغرب اللواتي ينضممن لتنظيم "داعش" وإنهن يكن في كثير من الأحيان حاصلات على تعليم جيد ولديهن مفاهيم رومانسية سرعان ما تبددها خشونة حياة "عروس التطرف".
وأضاف التقرير، الصادر عن "معهد الحوار الاستراتيجي والمركز الدولي لدراسة التطرف" في جامعة "كينغز كوليدغ" بلندن، أن نحو 550 امرأة من دول غربية غادرن بلادهن للانضمام إلى التنظيم المتشدد الذي بسط سيطرته على مناطق في سوريا والعراق.
لكن لم تُبذل جهود كثيرة لتفسير "هذه الزيادة التي لم يسبق لها مثيل" في عدد من ينضممن لـ"داعش" أو يُتخذ إجراء وقائي لمنع سفرهن.
وحمل التقرير عنوان "حتى تفرق بيننا الشهادة" وجاء فيه أن "المجندات الغربيات في الدولة الإسلامية يحطمن القوالب الجاهزة الخاصة بمن هن عرضة لخطر التطرف والانخراط في شبكات التشدد العنيف".
وذكر التقرير أن أعمار المجندات الغربيات في التنظيم تقل على نحو متزايد وبعضهن من بنات العائلات ميسورة الحال، ويكن في أحيان كثيرة حاصلات على تعليم جيد. وأضاف أنهن يلعبن أدوارا "مهمة" في مجالي الدعاية والتجنيد.
واستنادا إلى نشاط أكثر من 100 امرأة غربية على وسائل التواصل الاجتماعي ممن يُعتقد أنهن انضممن للمتشددين، قال الباحثون إن هناك أسبابا مختلفة لانضمام النساء للتنظيم.
وجاء في التقرير إن "افتراض أن الإناث ينضممن للدولة الإسلامية أساسا ليصبحن عرائس التطرف ينطوي على تبسيط للأمور وهو قبل كل شيء غير صحيح".
وأوضح أن هؤلاء ينضممن لـ"داعش" لنفس الأسباب التي تدفع الرجال للانخراط في التنظيم المتطرف، وهي الشعور بالعزلة الاجتماعية والثقافية والغضب الناجم عن "اضطهاد المسلمين". كما تنجذب النساء أيضا إلى تصور مثالي عن الواجب الديني وإحساس بالأخوة وعشق المغامرة.
لكن الحياة في كنف "داعش" بعيدة عن الصورة التي تراها النساء على الإنترنت، فالأوضاع قاسية وبعضهن يصبحن أرامل في سن صغير.
وقال التقرير إن "مسؤولية المرأة الغربية في الأراضي التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية هي أولا وقبل كل شيء أن تكون زوجة صالحة للزوج المتطرف الذي تتم خطبتها له وأن تصبح أما للجيل المقبل من المتطرفين".
وأضاف: "لكن هناك أيضا تصور عن شكاوى الحياة اليومية بالنسبة للإناث اللواتي كثيرا ما يتم عزلهن في المنازل في ظل أوضاع صعبة، وكذلك حقائق العيش في منطقة صراع في أراض يحكمها إرهابيون".
وخلص التقرير إلى أن هناك حاجة لرسائل "مضادة للتشدد" تستهدف النساء على نحو خاص لتوضح بالتفصيل ابتعاد الحياة في ظل "داعش" عن الصورة المثالية، إلى جانب وضع برامج أفضل للعائدات من سوريا والعراق بهدف مكافحة الفكر المتشدد وإدماجهن مرة أخرى في المجتمع.