طائرة تجكجه .. 22 سنة من الآلام والتجاهل

جمعة, 07/01/2016 - 12:10

الجمعة 1 يوليو 1994 على الساعة الثامنة و النصف صباحا، تتحطم طائرة الخطوط الجوية الموريتانية من نوع FOKKER 28 أثناء هبوطها فى مطار تجكجه و تخلف 80 شهيد.

محاولتان فاشلتان للهبوط و خطأ تقديري من الطيار في محاولة أخيرة لهبوط اضطراري لم يُكتب له النجاح.

الطائرة 5T-CLF كانت من صنع هولندي لسنة 1975.

هذه الحادثة ما تزالت لاصقة في أذهان الموريتانيين بتفاصيلها بعد 22 سنة، وخصوصا الأديب والشاعر أدي ولد آدب، وهو يعيد نشر قصيدته الرائعة في رثاء من قضوا فيها، ولقد أخرج ألمُ تلك الحادثة إحدى عيون الشعر العربي بموريتانيا، تتفتق حكمة، وتتقطر أدمعا.. ومَن الموريتاني الذي لم ينفرد يوما ليعيد قراءتها، أو يستمع لإنشاد الفنان الخليفة لها.هذه هي رائعة أدي ولد آدب عن طائرة تجكجه:

فاجـعٌ.. فـاجعٌ.. ورُزْءٌ.. مَهُـولُ.. وأسًى.. مُطبقٌ.. عَريـــضٌ.. طــويلُ!

صَدْمَةٌ.. رَجَّت الوُجـودَ.. فلمْ يَبْقَ -لَـدَى مَنْ لهمْ عُقـــولٌ- عُقـــولُ!

كلُّ عيْنٍ.. تَزُوغُ فِي الأفْقِ..حَيْرَى.. فتَرَى الرُّوحُ-في الدُّموع-تَسيلُ!

كلُّ قَـلبٍ.. يَـمُـورُ -بالفجْـع- مَوْرًا.. فتَـرَى ذَبْــذَبَــاتِ حُزْنٍ .. تجـــولُ!

في وُجُـــوهٍ.. تُـذِيـبُـها حَسَــــراتٌ.. وانْصِهــــارٌ.. تـَوَتُّـرٌ .. وذهـــــولُ!

بالدُّعا.. غَصَّت الحَـناجِـرُ.. حَتَّى ذابَ فيها الـدُّعــا.. ومــاتَ العَــويلُ!

والثوانِي.. الثكْلَى.. تَمُرُّ.. سِنينًا.. آدَهَا اليَأسُ.. والرجا المُسْتحيلُ!

فوْقَ كُلِّ الشِّفـاهِ.. ظـلَّ سُؤالٌ.. خـائـِفٌ.. مِنْ جَوابـه .. لا يَقــــيلُ:

أيْنَ أمِّـي.. أبِي.. أخِي.. أيْنَ إبْنِي؟ فُجِعَ الكُـلُّ.. سائـلٌ.. ومَسُولُ!

لاتَسَلْ.. فالرُّكابُ.. ماتوا.. جَميعًا.. عِنْدَمَا حَانَ -في المَطار- النُّزولُ!

شَبَّ فيها الحَريقُ.. والكُلُّ يَرْنُـو.. لا مَطافِي.. إلا الدُّموعُ.. السُّيولُ!

هَـلَكُوا .. والأحْضانُ تهْفــو إليهمْ أيْنَ - لا أيْـن – للنجاةِ سبــــــيلُ؟

كمْ جَـمَالٍ .. وكمْ شبابٍ .. وأحْلامٍ.. ومَـجْدٍ.. أحْرَقْتَ.. يـا عزْرَئيـلُ!

لـيسَ بيْن الحيـــاة والـموتِ .. إلا حاجِز - عِنْـدَما يـُـزاحُ – ضئــــيلُ!

إنَّ حَدْسَ الإنْسانِ في ظُلْمَةِ الغـيْب.. جَهُـولٌ.. ومُعْتِـمٌ.. وكَـلــيلُ!

ليْتَ شِعْرِي من كان يحسب هذي رحْلة العُمْـر.. ما وراهــا قفولُ؟!

رَحَلوا.. يَسْتَحِثُّهمْ ألْفُ شَوْقٍ.. فانْتَفَى الوَصْلُ..حيْثُ حانَ الوُصولُ!

حَلَّقـوا.. نحْوَ أهْلهمْ.. ألْفَ مِيلٍ.. وصَلوا .. فابْتَدَا المَدَى يَسْتَطــيلُ!

يا لَها .. يا لَهـا.. تضـاريسَ مأساةٍ.. بقلـبي .. مَحْفـورِة .. لا تُــزولُ!

أنا مَهْمَا نَسِيتُ -عُمْرِي-سَأبْقَى -مِلْءَ عَيْنِي- تلكَ الوُجوهُ.. مُثولُ!

شُهَـداءَ المَطـارِ .. ما لَذَّ تَـمْرٌ.. بَعْدَكُـمْ.. لا .. ولا اسْتظلَّ النخــيلُ!

شُهَـداءَ المَطارِ.. ليْسَتْ "تَكانَتْ"-وحْدَها- مَنْ بُكــاؤُهـا سَيَــطـولُ!

شُهَداءَ المَطـارِ .. مَنْ ظَـلَّ حَـيًّا يَـوْمَ مِتّـمْ .. فــــذاكَ صَـبْرٌ جَمـيلُ!

كلُّ مَنْ مَاتَ ..جُرْحُـهُ في فُؤادي لـجِـراحـاتِ فَـقْـدِ ( نَجْدِ) مثــيـلُ!

كلُّ مَنْ لمْ يُـبالِ.. بالفجْـعِ هـذا.. فهْـوَ مَـصَّاصٌ.. للـدِّمـاءِ .. أكــولُ!

كـيْف لمْ تُحْـرِزُوا دَقِيقـةَ صَمْتٍ؟ إنَّ عـــامـًا .. مِنَ الـحِدَادِ .. قـليلُ!

كـيْف نَبْكِي .. أفْـلاذنا .. تَتـلـظَّـى وإذاعــاتُـنـا : غِـــنـاءٌ .. طُــبولُ!

شـاهَ رَأيُ المَسْئولِ عَنْ فِعْلِ هـذا أوَ حَقًّا هذا المَسُـولُ مســولُ؟!

رحَمَاتِ الإلهِ .. شدِّي قُـلـوبا.. أوْشَكَـتْ.. عَنْ مَناطها.. تستقــيلُ!

وامْطِري ذلكَ الضَّريـحَ.. الجماعي.. إنَّ خَيْرَ الكِرام.. فيـه حُلــــولُ!

وافتحِي -يا جَنًّاتِ عَدْنٍ- مَطارًا.. يَنْتَهِي.. فِيهِ.. بالضحايا.. الرحيلُ!

هَيِّئِي.. كُلَّ مُسْتَطابٍ.. لرَكْـبٍ.. دُونك اليَوْمَ.. لمْ يَـرُقْـهُ المـقيـلُ!!

يا إلهِي.. إنِّي تَفَجَّرْتُ.. شِعْـرًا فاعْفُ.. يا رَبُّ.. لا أعِي ما أقــــولُ!

اعْـفُ.. يا رَبَّـنَا .. فمَهْمَـا فُجْعْنَا.. ما لَدَيْـنا إلا الــرِّضــا.. والقَــبولُ!

ولنـا.. في الرَّسـول.. خيْرُ عَزاءٍ.. حَسْبُنا في العَـزاءِ:مات الرسولُ!