في الصميمـ 7

أربعاء, 07/20/2016 - 19:45

في إطار الاتفاق الموقع بين الحكومة الموريتانية والاتحاد الأوروبي قدم برنامج الاتحاد الأوروبي للمجتمع المدني والثقافة  PESCC دعما لجمعيتنا من أجل إنجاز المشروع المسمى مشروع التحسيس الوطني للتنمية المستدامة وحماية البيئة.

 

المقال السابع من السلسلة التي طلبتها الجمعية الموريتانية "العمل من أجل البيئة" من جريدة "القلم".إن وضع استراتيجيات إقليمية جديدة، تجمع بين الشبكة الإدارية التقليدية الدقيقة وإنشاء الشبكات البيئية ـ  الاقتصادية الأكثر تحركا والتي يتولاها المجتمع المدني، يمكن من إطلاق تسيير أكثر فعالية للحدود الطبيعية والثقافية وغيرها...

لقد ذكرنا، منذ بداية هذه السلسلة، المواءمة منذ عهد سحيق بين البنى الاجتماعية التقليدية مع استغلال بيئتها. لقد تغير كل شيء غضون بضعة عقود، وسيكون من السخيف ـبل أخطر بشكل كبير - ادعاءإعادةوجود مثل هذه المواءمةعبر الاستنساخ الميكانيكي لهذه الصورة النمطية أو تلك من الحقبة الماضية. ولكن في هذه المسألة كما في غيرها، من الجيد البحث عن روح الأساليب القديمة، وفهم الأسسالتي تعمل عليها، وفي ما ذاأضر الخلط بينها مع غيرها من الأساليب الأخرى، المستوردة، بالناسوبيئتهم، وكيفية إصلاحها - أو، على الأقل، تخفيفهاـمن خلال إعادة النظر في تسيير المكان والزمان، والذي لم يعدكارثيا فحسب، تمليه الأحداث ولكن، يعي بهدوءأكثر تاريخ مقدراتهؤلاءوأولئك، فيطليعة مصيرهم.

إنقطيع ماشيةتضاعف خمس مرات، وسكانا زادوا بأربعة أضعاف، في عملية بداوة / تقرمعكوسة تماما وكميات أمطار في دورة طويلة من العجز كلها معاينات لا تدعو إلىالتفاؤل. ففي شهر أبريل 2010، أشارالوزير المنتدبلدى الوزيرالأولالمكلفبالبيئة والتنمية المستدامة أن "التكلفة السنوية لتدهور الموارد الطبيعية في موريتانيا تمثل، في المتوسط، % من الناتج المحلي الخام، الشيء الذييمثل خسارة سنوية مباشرة بقيمة 85 مليارأوقيةوخسارة غيرمباشرة مرتبطة بالآثار على الصحية، تصل 6.850  مليونأوقية (1). وقد تم تقدير هذه الخسائر في القطاعات الإستراتيجية للغاية، مثل قطاعات المياه والغابات وصيد الأسماك والزراعة والتنمية الحيوانية"(2). وتتطلب هذه الأرقام من جميع السكان إصلاحا عميقا.

وإذاكانت الفوضى واللامبالاة غالبا ما تتم إثارتها، يتم في معظم الأحيان تجنب مناقشة المعوقات الاجتماعية والثقافية التي تكمن وراءها.إن تحرر العمال الزراعيين والرعويينتتعارض في كل مكان مع ما تبقى من النظام الطبقي القديم حيث السلطات التقليدية، التي أصبحت برجوازية، تسعى جاهدة للحفاظ على امتيازاتها، في منافسة بين القبائل محمومة على نحو متزايد، بسبب وعدم وجود المجال الحيوي (3).هذا صحيح بصفة خاصة في المجال الزراعي والرعوي حيث تشكل الأرض،بوضوح، رهاناأساسيا. وهنا بالذات، فإن بناء المقارباتالجديدة يمكن ـوعلى الأصح، يجب، حيث يتسلقالتدهور البيئي إلى قمماللاعودة - أن يفاوض حولالوصفات البيئية والاقتصادية الأكثر وجاهة.

إعادة التبنيالاجتماعي للنظام البيئي

لقد تم استنساخ التقري على نطاق واسع جدا، في الأرياف، على التوزيعات القبلية القديمة للمراعيالموسمية، في فضاء البيظان.وفي الأماكن الأخرى حول الحدود المتقلبة بين دييري ووالو، تبرزصلات جديدة مبنية على العلاقات القديمة وتزدهر وتنتظمبشكل عفوي في دائرة جغرافية صغيرة نسبيا - حوالياثني عشر كيلومترا في المتوسط ​​- بقدر صعوبات التنقل. ويمس هذا الواقع خصوصا ما يسمى "الأراضي المفيدة"، أيحوالي خمس التراب الوطني، وسنقبل- دون نقاش، في مثل هذا المقالالتحسيسي المحدود - أن نخصصالأربعة أخماس المتبقية، لتنظيم أكثر شمولية في البداية، لاسيما في مجالمراعي الانتجاع.  وهذا تحفظ مبدئي من المهم أن لا يغيب عن ذهننا (4).

لنسمي "وحدةالمرتفع"، الدائرة النموذجية التي تعيش فيهاالحياة الريفية الموريتانية المعاصرة. وتكشف، في كثير من الأحيان، بلدةمركزية، تجر القرى المحيطة بها في ديناميكيتها.  وتتأرجحبعض القرى الحدودية بين اثنتين أو ثلاثة. وليست هذه البلدات دائما عواصم البلدية التي تضاعف مساحتها في المتوسط ​​مساحة وحدة المرتفع خمس مرات.وتذكر هذه الملاحظةبتفاهة كثيرا ما يتم إغفالها: ففيحدودألف كيلومتر مربع تطور الدولة مرافقها (الصحة والتعليم والأمن، الخ)، وعندما يقدمطلب المواطنين، فإنه يقع أساسا في حدود عشرة هكتارات على الأكثر. وقدتعرفنا في منشورات أخرى (5)، على وحدة تسيير إقليميةأخرىلهذا الواقع المواطن: "التضامن المقرب"، وحددنامجال عملها، المرتكز على علاقات الجوار.

وبدائرة خمسمائة كيلومتر في المتوسط، تبدو وحدة المرتفع كأداة انتقالية، ليس فقط بين التضامن المقرب والسلطة البلدية ولكن أيضا بين مختلفالبلدات، وحتى بين البلديات المتجاورة. إنها غير رسمية، في ظل الظروف الراهنة، لكنها،مع ذلك، تعمل هنا وهناك، بصورة عفوية وبأشكال مختلفة من خلال مختلف اللقاءات وزيارات المجاملة، والعلاقات التجارية، والنزاعات الرعوية، الخ.وكما قلنا في وقت سابق، فإنبعدها القبلي هام وعما إذا تعينإعطاؤها وجودا قانونيا، فمن الواضح أنه في إطار المجتمع المدني ستكونلهذا البعد قيمة أفضل. بل نعتقد أن تعميمهاعلىمجموع الأراضي الوطنية المسكونة، فإن ذلك الاعترافمن شأنهإخراجالواقع القبلي الذي لا مفر منه من السرية الرسمية حيث تنشط أحلك أشكال تحريف قيم التماسك الاجتماعي والاتساق البيئي.

إن أشكال التضامن المقرب تمتازعادة بالاعتبارات الطبقية: وإذا كان لا يزال استثنائيا، كي لا نقول مستحيلا، أن تكون بلدة حراطين، على سبيل المثال، متطورة بما يكفي لتشكل قلبوحدة مرتفع، ففي كل مكان وكل بلدةتوجد أحياء من الحراطين.ومن خلال تنظيمها على شكل "التضامن المقرب"، ستتمكن من لديهم الدفاع، داخل كل وحدة مرتفع، عن وجهات نظرهم ومصالحهم الخاصة، ولاسيما في تسيير الأراضي. إن المفاوضات الموضوعية، المتعمدة على قواعد بيانات يتم إكمالها تدريجيا وأرشفتها في كل مؤسسة تعليمية محلية، كما اقترحنا في المقالات السابقة من هذه السلسلة، قادرة على التطور، حسبكل حالة داخل شعاع حيوي جيد بما يكفي لترجم إلى وقائع متماسكة وملحوظة على الفور.

يجب أن تشاهد،عندتتبع مناطق مخصصة للزراعة القوتية، حول كل بلدة، في ارتباط وثيق مع مناطق إيواء الماشية الموسمي و/ أو الدائم.، بين بلدات نفسوحدة المرتفع، مساحات محمية تسير بشكل جماعي حول المساحات المزروعة، واستغلال الموارد الخشبية وغير الخشبية (النباتات الطبية والبيطرية، على وجه الخصوص) والفتح الموسمي المعقول أمام الماشيةفي حين تحافظ ممرات الانتجاع، المغيرة دوريا، على الاتصالات الدائمة مع المناطق الرعوية الكبيرة التي يسكنها البشر قليلا أو كثيرا،وكل هذا مفكر فيه في حدود الموارد المحلية، وخاصة المياه، في علاقة وثيقة مع البرامج البلدية والجهوية والوطنية في هذا المجال، والمكملة بشكل دوري بالمعلومات التي تصعد باستمرار من الأراضي القروية... (يتواصل).

توفيق منصور

الملاحظات
(1): أرقام صحية ربما تكون أقل بكثير من الواقع، لأن تغطية الضمان الاجتماعي ناقصة في موريتانيا...

(2): في "مساهمة في عملية مراجعة الخطة الإستراتيجيةلمحاربة الفقر، وإعداد خطة عملها 2010-2015" CTS "البيئة"، أبريل 2010.

(3): استنتاج مؤسف، في بلد مساحته مليون كيلو متر مربع وسكانه حوالي ثلاثة ملايين ونصف مليون نسمة ويمتلك تسعة عشر مليون رأس من الحيوانات الأليفة بجميع أنواعها...

(4): بشكل خاص المناقشات على المستوى الوطني، التي تشرك الاتحاديات المهنية الرئيسية للزراعة وتربية الماشية...

(5): "التضامن المقرب"، سلسلة نشرتها جريدة Calame Leوهيمتوفرة مجانا فيشكل PDF عند الطلب إلى بريدي الإلكتروني: [email protected]. تم تناول الموضوع بشكل أعمق في كتابي بقلم إيان منصور دي گرانج : "الوقف، أداة للتنمية المستدامة؛ موريتانيا، خصوبة  تنوع واضح"، مكتبة 15/21، نواكشوط، 2012.