تأبين في الرئيس الراحل اعلي / عبد الله بن سليمان ابن الشيخ سيديا

أحد, 05/07/2017 - 08:42
د/ عبد الله ولد سليمان ولد الشيخ سيديا

من العادات الراسخة في  الصحراء الكبرى قرض الشعر في رثاء العظماء, وبما أنني لا أحسن تلك الصنعة، جنحت مرغما إلى النثر. لقد غيب الموت  ظهر يوم الجمعة،  الموافق - بالتاريخ العجمي -  يوم 05 مايو 2017 ، المغفور له بإذن الله الرئيس اعلي ولد محمد فال الذي كان هامة باسقة من أبناء هذا القطر الذي حملت أهله الظروف المناخية القاسية على حياة النجعة والظعن. تلك الحياة البسيطة التي لم تثنهم عن المشاركة بجدارة في صنع تاريخ الديار العربية الإسلامية. أجل، لقد أنجبوا جل سلاطين المغرب من طرابلس الغرب حتى مراكش، وعلماء أجلاء لا يزال الأزهر والحجاز واليمن والبصرة يذكرونهم، ومحاربين أشداء شاركوا في كل الحروب التي فرضت على العرب والمسلمين في عهد التوسع والهيمنة الأوروبيين. فذا "لورانس العرب" يذكر أنه قتل أحدهم صبرا في جيش الملك فيصل بن الحسين ثأرا لمقاتل آخر من بادية الحجاز أو الشام، ناهيك عن دفاعهم عن الخلافة العثمانية أو بالأصح مابقي منها مع الجيش التركي. هذا المجتمع هو الذي أنجب الرئيس اعلي ولد محمد فال الذي غيبه الموت في تيرس،التي كان يحبها الفقيد كباقي جبال وتلال وكثبان ورمال وسهول القطر الشنقيطي، والتي دعاه إليها نفس الحنين الذي يذكره قامة شامخة أخرى من أبناء الصحراء، العلامة امحمد ولد الطلبه، في قوله :

سرى (أي الحنين) يخبط الظلماء من بطن تيرس

إلــي  لدى "ابريبيره" لم يتعرج

وبما أن الاستدلال مطلوب في صناعة النثر، لا يسعني في هذا المقام إلا أن أستدل في رثاء والدي الرئيس اعلي بما قاله العلامة محمد سالم ولد عبد الودود في رثاء الوالد الشيخ سليمان رحمه الله:

نبأٌ أتاني مخرس للســـــــــــــــــــــان

ماذا عسى أن تـنطق الشــفـــــتـــــــــان

أأقول كان وكان لا أُحصي الـــــذي

قد كان من كانٍ هنا كوكانِ

أأقول ساد وشاد لا أحصي الــــذي

ذادت قـــيادتـــه عن الأوطــــــــــــــــان

لقد كان الرئيس اعلي قائدا عسكريا شجاعا وسياسيا من الطراز الأول ومثقفا لامعا على اطلاع واسع بكل المعارف البشرية.

أذكر أنه، أيام كنت أحد معاونيه، كان يتألم كثيرا لحال البلد وحال العرب وحال المسلمين, وكان يرى أن الحل يكمن في بناء مؤسسات قوية تكفل الإنصاف للجميع. كما كان يكرر دائما أن مصلحة موريتانيا خط أحمر وأنها فوق كل الاعتبارات الضيقة مها كانت.

 لا أشك في أن التاريخ سيخلده كأحد أبر أبناء موريتانيا ولا غرو في ذلك فهو من معشر قال فيهم الجواهري الكبير:

الجاعلين بيوتهم وقبورهم للسائلين عن الكرام دليلا.

بارك الله في بنيه الذين يقول الوالد الشيخ سيدي محمد (سيدنا) في ابن عمهم وابن خالتهم :

 من جعفرٍ وعليٍّ أصلُ عنصره مقابَـلِ الطرفين الأشرفين معا

رحم الله سبع الصحراء الكبرى الرئيس اعلي ولد محمد فال.

وإنا لله وإناإليه راجعون

بقلم: الوزير السابق - د/ عبد الله ولد سليمان ولد الشيخ سيديا