من يومات طالب في الغربة: (2)قصة الاستعداد للسفر إلى الخارج

ثلاثاء, 07/18/2017 - 11:39

في بداية شهر سبتمبر 1996عدت في سبيل التعرف على البلد الذي تم منحي إليه "لم تكن الانترنت وقتها موجودة"وقتها والمراكز الثقافية قد أغلق جلها " والباقي لا معلومات فيه عنها والمسافرون إلى تلك البلاد من الأقارب والزملاء غير موجودين ".

دبرت الأمر واتصلت ببعض الأقارب ممن سافروا قبل إلى الخارج ليزودوني ببعض المعلومات عن السفر والإقامة وغيرها من أمور مفيدة لي.

في 20 من شهر سبتمبر1996 ذهبت صحبة أخي الكبير إلى إدارة اللوزام المدرسية واستلمنا تذكرة السفر وكانت على الخطوط الجوية الجزائرية، ولما ذهبنا لمكتبها للحجز واجهتنا مشكلة وهي أنه ولغاية 10 أكتوبر كله محجوز من طرف الطلبة والمسافرين وبالتالي كان ذلك يزيد من الصعوبات أمامي فانا طالب جديد في بلاد جديدة على ومع ذلك سوف آتي متأخرا عن الافتتاح فيها بحوالي 22 يوما"و المدارس في تونس وقتها تفتتح رسميا بتاريخ 18سبتمبر"..ولكن ما باليد حيلة.

كان ينتابني احساسان متناقضان طيلة هذه المدة "الأول بالفرح لأنني درست وحصلت على منحة في ظرف قياسي عمري وقتها 20 سنة ولأول مرة رغم أن ثمة من التلاميذ من يعيد الكرة أكثر من مرة وفي سن متقدمة للحصول عليها وبالتالي فهذا يعتبر انجازا كبيرا .أما الشعور الثاني فيتعلق بالقلق الذي استولى علي منذ صدور نتائج المنحة ويتعلق مصدر القلق بأنني شاب غر وقتها وسأسافر إلى بلاد بعيدة متقدمة مدنيا وطباع أهلها تختلف عنا في موريتانيا رغم أننا يجمعنا الدين واللغة والقومية ، إضافة إلى أن السفر في رحلة بالطائرة يعتبر مخيفا لمن لم يزر حتى مطار انواكشوط ولم ير طائرة الا إذا كانت محلقة في الجو. ناهيك عن صعوبة الظروف المناخية واختلاف عادات الطعام واللباس في تلك الدولة مع ما هو معهود، وأخيرا التباين الكبير في مناهج الدراسة ولغتها وطريقة الامتحانات .

كنت دائما ما أجد التشجيع من أخي الكبير ومن بعض أقاربي الذين سافروا قبلا إلى الخارج مؤكدين أن الغربة تصنع الرجال وأنني عندما أسافر وادرس بالخارج سيكون أفضل مستوى للشهادة وسأجد أيضا الوقت الكافي للدراسة . ليلة "10/10/1996 كانت ليلة الوداع وقد نظم لي إخوتي حفلا عشاء فاخر وحضره أصدقائي وبعض أقاربي وسهرنا حتى منتصف الليل.. ذهب البعض ونام معنا بعض الأصدقاء.بت أنا سهرانا وكأن جفوني تأبى الا أن تودع المنزل الذي ترعرعت فيه.. في الخامسة صباحا ذهبنا للمطار.. وقام أخي بإجراءات السفر وما هي الا ساعة حتى كنت مجبرا على وداع أهلي والدخول إلى قاعة الانتظار ..

كان المشهد فضوليا حيث امتلأت تلك القاعة بمواطنين بسطاء يلبسون ثياب متواضعة وبعضهم لديه عصا وآلات طبخ...تفاجأت فسالت أحد المسافرين تبدو عليه ملامح الأناقة هل هؤلاء كلهم متوجهون إلى تونس" ابتسم وأجاب:" هؤلاء ينتظرون طائرة سيلبابي. وبعد 10 دقائق فتح احد الأبواب وخرجوا جميعا إلى طائرتهم. لم تمض فترة طويلة حتى تغير مشهد القاعة وامتلأت بمسافرين ذوي سحنة تغلب عليها الناقة مظهرا ولباسا وسلوكا فعلمت أنهم هم المسافرون معي فعلا..كانت مدة الانتظار بقاعة المطار كافية لإدراك أنني متوجه إلى حضارة أخرى وبلاد خارجية . فتح باب القاعة وتوجهنا إلى الطائرة" ذلك المخلوق العجيب" الذي ...

يتواصل

:بقلم محمد ولد محمد الأمين الملقب "العميد"
للملاحظات
[email protected]
هذه اليوميات واقعية والكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الامريكية حلقات من هذه اليوميات في كتب مترجمة باللغة الانجليزية  تدرس في اكثر من 250 جامعة ومعهد  حول العالم .