القدس العربي: موريتانيا تحيي ذكرى استقلالها في ظل أزمة سياسية فجرها الرئيس السابق

خميس, 11/28/2019 - 20:01

القدس العربي:  جمع الرئيس الموريتاني الجديد محمد الشيخ الغزواني، الموريتانيين بكافة أطيافهم السياسية تحت خيمة واحدة، وذلك في احتفالية نظمت الخميس بمدينة أكجوجت شمال موريتانيا، احتفاء بالذكرى التاسعة والخمسين لاستقلال موريتانيا عن الاستعمار الفرنسي.
وكان الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، الغائب الوحيد عن هذه الاحتفالية، حيث بقي مقعده على المنصة شاغراً، بينما حضر الرئيسان السابقان العقيد ولد هيداله وسيدي محمد الشيخ عبد الله. وأكد الرئيس الغزواني، في خطاب وجهه أمس، «أن مناسبة الاستقلال مشبعة بمعاني العزة والشموخ، حيث إنها تخلد ذكرى لحظة تحول حاسم في المسار التاريخي العام للشعب الموريتاني الأبي».
وأوضح أن «لحظة جلاء المستعمر ونشوء الجمهورية الإسلامية الموريتانية كدولة بالمفهوم الحديث، فرصة ثمينة لاستحضار واستذكار أبطال المقاومة الوطنية بشقيها المسلح والثقافي، الذين واجهوا المحتل بالبندقية والسيف والفكر والقلم، حتى انكسر غزوه العسكري انكسار غزوه الفكري الثقافي».
وقال: «إن للاستقلال معاني كثيرة وسياقات متعددة؛ فهو سياسي بالموقف والقرار، وثقافي بحفظ الهوية واللسان، واقتصادي بالتطوير والإنماء، غير أن الشرط المبدئي لإمكان تحقيق كل هذه المعاني هو توطيد الوحدة الوطنية بالعمل على تكاتف جهود كل أبناء الوطن، خدمة لازدهاره، في ظل شعور قوي بالمساواة، ووحدة الهوية والمصير، ترعاه الدولة بالعدل والإنصاف والتنمية الشاملة».
«ولهذا، يضيف الرئيس الغزواني، عملنا منذ اللحظات الأولى من تولينا رئاسة الجمهورية على تدعيم الوحدة الوطنية بتهدئة المناخ السياسي العام وخلق جو من الثقة بالانفتاح على الجميع والتشاور مع كل الفرقاء السياسيين على اختلاف توجهاتهم، قناعة منا بأن بالإمكان أن تلعب كل من الموالاة والمعارضة دورها كاملاً في جو من الثقة المتبادلة ترسيخاً لنظامنا الديمقراطي الذي بلغ مرحلة كبيرة من النضج مكنته، مؤخراً، من تأمين انتقال سلس وشفاف للسلطة».
وعن إنجازات نظامه خلال الأشهر الثلاثة التي مضت على تسلمه للسلطة، أكد الغزواني «أن حكومته تركز في استراتيجياتها المستمدة من تنفيذ مقتضيات العقد الانتخابي الذي على أساسه نال هو نفسه ثقة الشعب، على ترسيخ العدالة وتقوية عوامل اللحمة الاجتماعية بمكافحة الفقر والتهميش والغبن».
وأضاف: «في هذا السياق اكتملت مؤخراً مشاريع النصوص القانونية المنشئة لمندوبية عامة، تتبع رئاسة الجمهورية مباشرة، يعهد إليها بتسيير كل البرامج والمشاريع المتعلقة بمكافحة الفقر والهشاشة، وقد رصدت لها على مدى السنوات الخمس المقبلة ميزانية تقدر بـ 200 مليار أوقية قديمة (1 دولار=410 أوقية قديمة)، وسيتم إنشاؤها في الأيام القليلة المقبلة، كما يجري العمل على إنشاء مجلس رئاسي لمتابعة السياسات الاجتماعية، سيتكفل بالمتابعة الدقيقة والمنتظمة لمستوى نجاعة وفاعلية تنفيذ هذه السياسات في محاربتها للفقر والغبن والهشاشة وفى تحسينها لجودة الخدمات الأساسية».
وتحدث الرئيس عن تقريب الخدمة القضائية من المواطنين بتفعيل مبدأ المساعدة القضائية، وعن استحداث آلية إدارية تحت مسمى «خدماتي» تهدف إلى الرد السريع على طلبات واستفسارات المواطنين وتمكنهم من متابعة معالجة ملفاتهم».
وفي مجال التعليم، تحدث عن «إعداد خطة إصلاحية شاملة تهدف إلى وضع أسس مدرسة جمهورية جامعة، والرفع من مستوى جودة التعليم، وإنشاء مجلس أعلى للتهذيب وسلطة عليا لرقابة جودة الخدمة التعليمية في مختلف جوانبها».
وعن قطاع الاقتصاد، أضاف الرئيس الغزواني : «أنجزت الحكومة عملاW بالغ الأهمية على صعيد تعبئة الموارد المالية، حيث تم التوقيع مع شركائنا في التنمية في الأشهر الثلاثة المنصرمة، على اتفاقيات تمويل ستساعد على نحو ملحوظ في تطوير الزراعة والتنمية الحيوانية والصيد وترقية الموارد البشرية، ويجري في ذات الوقت الإعداد لإنشاء مجلس أعلى للاستثمار سيساهم في العمل على تحسين مناخ الأعمال وجلب الاستثمارات ودعم الشراكة بين القطاعين الخاص والعام».
وفي كلمة أخرى بالمناسبة ذاتها، أكد زعيم المعارضة الديمقراطية إبراهيم البكاي «أن موريتانيا تحتفل هذا العام بمناسبة الاستقلال ضمن سياق سياسي وطني مختلف عن الأعوام الماضية، حيث بدأ جو من الهدوء والثقة يطبع علاقة المعارضة بالسلطة».
وأعرب عن أمله في «أن يتعزز هذا التوجه مع مرور الوقت، وأن تكون دروس الاستقلال ومعانيه محفزة لتطبيع سياسي يقود أبناء الوطن من مختلف المشارب السياسية إلى المساهمة في معركة رقي موريتانيا من خلال تحقيق ديمقراطية حقيقة، وتجسيد عدالة اجتماعية تقضي على الفوارق الاجتماعية الحادة، وإرساء شفافية واضحة في تسيير الشؤون العامة والموارد العمومية».
وتحتفل موريتانيا بذكرى عيد الاستقلال في ظل أزمة سياسية فجرها الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، الذي عاد الأسبوع الماضي من رحلة خارجية ليبدأ مع بعض أنصاره التخطيط للاستيلاء على حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذي تتبع له الأغلبية البرلمانية.
غير أن غالبية أعضاء الهيئة القيادية وغالبية منتخبي حزب الاتحاد، تبرأوا في بيانات نشروها، من المرجعية السياسية للرئيس السابق وأعلنوا ولاءهم للرئيس الغزواني.
وما تزال الأزمة على حالها بين الرئيسين، وقد حدث تطوران يدلان على عمقها، أولهما عزل قائد الحرس الرئاسي، وهو من المقربين من الرئيس السابق، واستبداله بضابط مقرب من الرئيس المنتخب، والثاني غياب الرئيس السابق عن احتفالية عيد الاستقلال.